لَطَافةٌ ذَاتِيَّةٌ

نور مؤيد آل مطلك/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 152

تحدث الكثير من الخلافات بين البشر، بعضها بسبب مقنع، وأغلبها للاستفزاز وفرض الرأي، وقد يكون سببها طرفين، أو طرفاً واحداً، والأخير إمّا أن يكون شجاعاً ومن ثمّ يتحمّل مسؤولية فضّ الخلاف بالتي هي أحسن، أو يكون متجبّراً مستبدّاً برأيه فتتفاقم المشاكل مؤدّية إلى اضمحلال الروابط الإنسانيّة بين البشر، وباستبداده يكون متهرّباً من المشكلة، وجباناً ضعيف الشخصيّة لا يتحمّل مسؤوليّة أخطائه محاولاً حلّها؛ لأنّه يرى في الاعتذار انتقاصاً له. وربّما يكون الأمر أشدّ ضراوةً بأن يرمي اللوم على الآخر، ويُشعره بالذنب بتقمّصه دور المتضرّر في محاولة لإجبار الآخر على تحمّل عبء الاعتذار حتى تبقى الصلة بينهما قائمة، وعندها يكون صاحب الحقّ الفعليّ بين خيارين، إمّا أن يتمسّك بحقّه في طلب الاعتذار من الشخص المسيء فيخسره، أو أن يتنازل ويعتذر على خطأ لم يرتكبه ليحافظ على الرابطة بينهما، ومن ثمّ يزداد ذلك الشخص طغياناً ويعتمد هذه الوسيلة دائماً في التنصّل من المسؤوليّة، وأمّا صاحب الحقّ فبعد العديد من هذه التنازلات الإجباريّة فسيصبح هشّاً ضعيفاً مهزوز الثقة بالنفس؛ لأنّه سيقتنع بأنّه مخطئ دائماً، وعديم الفائدة ومفتعلاً للمشاكل. تفشّي أمور كهذه في المجتمع أمر وارد، لأنّنا لا نعلّم الأفراد منذ طفولتهم على أنّ الاعتذار ثقافة، ولطافة ذاتيّة، وأنّ الاعتراف بالخطأ فضيلة، مثلما أنّ كسب القلوب أحياناً أولى من كسب المواقف.... وأنّه يجب على المسيء الاعتذار، وعلى الطرف الآخر قبول العذر والمسامحة لقول نبيّنا محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم): "مَن أتاه أخوه متنصّلاً فليقبل ذلك منه مُحِقّاً كان أو مُبطِلاً، فإن لم يفعل لم يَرد عليّ الحوض"(1)، أمّا أجمل أنواع الاعتذار وأكملها فهو الاعتذار من الله عزّ وجلّ عند التقصير، بالاستغفار والاعتراف بالذنوب والتوبة الصادقة. ...................................... (1) ميزان الحكمة: ج3، ص 76.