الصِّحَّةُ النَّفسِيَّةُ ما بينَ التَّصَدّي وَالمُواجهةِ لـ (كورونا)

فاطمة محمود الحسينيّ/ كربلاء المقدسة
عدد المشاهدات : 163

(ووهان) إحدى المدن الصينيّة التي انبثق منها الرعب والعدوّ الغامض (كوفيد-19) (كورونا). بعد تفشّي المرض وتصريح منظّمة الصحّة العالميّة بتحوّله إلى جائحة واجتياحه أغلب البلدان، وارتفاع عدد المصابين بين الناس، وازدياد حالات الوفيات بمرض (كورونا)، والتوعية بشأنه عبر منصّات التواصل الاجتماعيّ ووسائل الإعلام المرئيّة والسمعيّة، إضافةً إلى فرض الحجر المنزليّ والتباعد الاجتماعيّ، ومجموعة من الإجراءات الوقائيّة الصارمة، والانحسار المالي والبطالة وتعطّل أغلب عادات الحياة اليوميّة، ظهرت مشاعر متناقضة ومضطربة للأفراد، ممّا أدّى إلى دخول الناس في خمس مراحل هي: 1- مرحلة الصدمة والإنكار لوجود هذا المرض. 2- مرحلة الغضب على مَن تسبّب في تفشّي هذا الفيروس أو انتشاره. 3- المساومة والعلاج. 4- الاكتئاب والمقاومةبسبب ظروف الحياة الجديدة. 5- التقبّل. وكلّ هذه المراحل هي عبارة عن عواصف نفسيّة قوية على الصحّة النفسيّة للعائلة، وقد أثّرت في حياة الناس بصورة عامّة وفي المصاب بصورة خاصّة، وبسبب تراكم هذه المشاعر المتناقضة منذ البداية، وتشخيص حالة الفرد كونه حاملاً للفيروس وفرض العزل، تتطوّر هذه المشاعر وتزداد، وقد تصل إلى الاكتئاب: وهو فقدان المتعة والبهجة بكلّ نواحي الحياة واليأس، وقد يدوم أكثر من أسبوعين، ويصاحب هذا الاكتئاب المزاج الهابط أو المتقلّب مع فقدان الشهيّة وقلّه الأكل، أو اضطراب النوم. ويشعر المريض بأشدّ الآلام النفسيّة، الآلام التي لا يكتشفها الطبيب في أغلب الأحيان، ولا يستطيع المريض التحدّث عنها غالبًا. فهي مجموعة من المشاعر مثل الشعور بالخوف، والشعور بالعجز، والشعور بالتناقض بين العلاج وما بعد العلاج، كلّ هذه المشاعر المضطربة بين القبول والمقاومة تضع المريض تحت هزّة أو اضطراب نفسيّ. فالعلاج السريريّ للمصاب بمرض كورونا وحده لا يكفي ما لم يكن هناك دعم نفسيّ، وقد أكّد الأطباء والعلماء على أنّ المناعة النفسيّة لها تأثير مباشر وقوي في الجهاز الداعم لدى الإنسان. وبين مرحلة العلاج والتشافي والوصول إلى خطّ النهاية بعد الصراع الذي يدوم أكثر من أسبوعين يعيش المريض حالة التقبّل بحسب حالته. وأخيرًا يجب على الإنسان أن يقاوم المشاعر السلبيّة التي تواجهه في أثناء مسيرة حياته؛ لأنّها تشكّل خطرًا على مناعته ممّا تجعله هشًا، ويكون أكثر عرضةً للأمراض الجسديّة والنفسيّة بسبب عدم الإفصاح عنها، والتراكمات المتكررة، فمن أهمّ الأمور في الإسعافات النفسيّة الأوليّة هي مشاركة المشاعر السلبيّة مع الأصدقاء والمقرّبين للتخلّص منها.