رياض الزهراء العدد 164 واحة البراءة
كَرِيمٌ وكَرَمٌ
(كريمٌ) صبيّ ذكيّ جداً يهوى قراءة قصص الأطفال، فهو وأمّه من روّاد مكتبة الحيّ لمطالعة القصص المفيدة. وفي ليلة من ليالي تلك الحكايات قالت أمّ كريم لطفلها إنّ حكايتها الليلة ستكون مختلفة؛ لأنّها تخصّ عائلته التي ستُرزق بمولود جديد يعيش في عالم قريبٍ من عالمنا، وأنّه سيصبح صديقاً له حين يُولَد وهو مَن سيهتمّ به بمساعدة أمّه وأبيه. تحمّس كريم كثيراً وازداد شوقاً لولادة أخيه، وصار ينتظره يوماً بعد يوم، إلى أن استيقظ ذات يوم وهو يسمع صدى ضحكات تتردّد في أرجاء المنزل، وما كاد كريم يسمع أباه وهو يخبر جدّته بأنّهما سينطلقان حالاً إلى المستشفى حتى قفز من فراشه مسرعاً؛ ليعرف ما يحدث. لمعت عيناه فرحاً حين عرف من جدّته أنّه أصبح له أخٌ، وأنّه صبيّ جميلٌ جداً، وهو يشبهه كثيراً. طلب كريم من أبيه أن يذهب معه إلى المستشفى للاطمئنان على أمّه ورؤية أخيه الصغير، وفي الطريق اشترى كريم باقة ورود ملوّنة ليقدّمها هديةً لأمّه، وما إن وصلا إلى المستشفى حتى ازدادت دقّات قلب كريم، وأخذ يسرح في خياله الصغير، ولدى وقوفه بباب الغرفة انهمرت عيناه بالدموع فرحاً لرؤية أمّه وهي تحمل بين يديها طفلاً صغيراً. احتضنت الأمّ (كريماً) ليطبعَ بدوره على خدّها قُبلةً طويلةً قائلاً: "أحبّكِ كثيراً يا أمّي"، ثمّ نظر إلى المولود الجديد وهمس في أذنها: ماذا سنسمّي أخي الصغير؟ قالت له أمّه: ما رأيكَ في أن نسمّيه (كرماً)؟ أُعجب كريم بالاسم، ولكنّه شعر ببعض القلق متخيّلاً حياته الجديدة بقدوم أخيه الصغير، وتوالت الأسئلة سريعة في ذهنه: هل سيلعبان معاً، وهل سيرافق كرم كريماً وأمّه إلى المكتبة؟ وهل سيتقاسمان الألعاب والمشتريات حتى حبّ ماما وبابا؟! عادت الأمّ إلى بيتها مع مولودها، وأوكلت إلى كريم بعض المَهام كإحضار قنينة الحليب بعد أن ينتهي كرم من شربها، والتزام الهدوء عند نوم كرم، إضافةً إلى قراءة ما يحفظ من قصار سُوَر القرآن الكريم، وأصبح كريمٌ مرافقاً لها على الدّوام، وعن طريق حكاياتها الجميلة تُطلع الأمّ كريماً كلّ يوم على معلومة عن المولود الجديد، فصار يحبّه كثيراً ومتعلّقاً به، ومتشوّقاً ليراقبه وهو يكبر أمامه؛ ليصبح في ما بعد صديقه في البيت واللعب والمكتبة والمدرسة، ورفيقه المفضَّل، وما إن تنتهي حكاية المساء كلَّ ليلةٍ حتى يغفو كريم ويده ممسكة بيد أخيه كرم، وهما نائمان بأمان وسلام.