شَخصِيّاتٌ في حَياتِي
لقد أطفأت الأضواء خلف ستائرها الآن، وها أنا ذا أشعر بشيء من الاطمئنان ككلّ ليلة، إنّها جارتنا المسنّة، مَن يطلّ شبّاكها على شبّاكي..، فكرة أنّها قد خلدت إلى النوم تريحني، لتتركها أمراضها الكثيرة بسلام ولو لساعات كي تهجع وتستريح .. كم أتأمّل تلك الستارة المنسدلة طويلًا، وأفكّر في قراره نفسي..، لقد كانت هذه السيّدة في يوم ما شابّة في مثل عمري.. كانت طفلة ومراهقة تملؤها الأماني والأحلام الملوّنة المفعمة بالحياة، ها هي تجلس الآن على مقعد هادئة تنتظر نهاية الرحلة ! لا أخفيكم.. ينقبض فؤادي لهذا الخاطر وأخاف وأحذر! أخاف من ذوبان الأيام السريع، ورحيل مَن تظنّه سيبقى معكَ إلى الأبد.. الزمن مخلوق عجيب! لا أزال أذكر اليوم الأول لي في المدرسة..، حقًّا الوقت يمرّ على عجل، ولا بدّ من العمل والاستعداد.. كريستينا.. سيّدة أوكرانيّة ذهبيّة الطلّة بكلّ وجودها، كنتُ محظوظة بالتعرّف عليها بعد أن تحوّل اسمها إلى أمينة، على الرغم من طفولتها الحزينة، ورحلتها غير المستقرّة في هذه الحياة إلّا أنّها كانت دائمًا ما تقول لي هذه العبارات: خديجة.. مهما حدث معكِ لا تجعلي أيّ شيء يستطيع أن يتسلّل إليكِ ويُظلِم روحكِ، فأنا ممتنّة لكلّ الصِعاب التي واجهتها في حياتي، وأحمد الله أنّني لم أكن مدلّلة، وإلّا لما وصلتُ إلى هذا النضج.. تحدّثي مع نفسكِ دومًا بحنان يا عزيزتي..، مثلما لو كنتِ تتحدّثين مع صديقتكِ وتخفّفين عنها عبئاً ما.. أغمضي عينيكِ وردّدي بصوتٍ مرتفع: أنا كُرة ضوء! لن يستطيع أيّ شيء اختراقي.. إنّ نور الله وحمايته تغمرني، لا أحد يستطيع أذيّتي، أنا متّصلة بمصدر القوة العظمى في هذا الكون .. الله الرحيم.. قلبي هو بوصلتي للوصول إلى ما هو ينفعني ويريده منّي، فقط يا ربّي ارسم لي الطرق فيها، والأهمّ من هذا دعني أراها، الدنيا مليئة باللوحات ومفارق الطرق، فاسلك بي سبل الخير؛ لأنّكَ تعلم وأنا لا أعلم إلّا ما تعلّمني إيّاه..