نَهضَةُ العِشقِ

زبيدة طارق الكناني/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 190

تروي الليالي عنكِ وما يُقال لا يشفي الغليل، بل كلّ ما يُقال يُدمي العين ويُقرح الأجفان، كلّ ما يُقال حقائق تصرخ من اختناق جئتُ اليوم أسطّرها في ذاكرة الصمت فلا أنسى تلك اللحظة وأنا أقفُ كالعائد من رحلة ما وراء الزمن نظراتي تمسح المكان بدقّة، تقتفي شبحاً في وسط الدخان وغبار الركام، وعويل صمتي لا يقوى على النداء أحاول أن أميّز وأرى ما تبقّى من ضريحكِ المقدّس تحت الحجارة لا أزال إلى اليوم أجهش بالبكاء وأنا أسمع نداءكِ المفجوع يا سامرّاء وأنتِ تبكينَ هاتين المئذنتين اللتين أضحتا رماداً، وكيف تنكّرت لها الحروف والعهود، عمّت العتمة المكان وكنّا نرى تلك الشموع التي كانت مضاءة في آخر النفق وهي تنطفئ، فقد غادرنا الأمل واستسلمت أيامنا فلا شيء سيعيد المكان إلى أصله، ولا شيء يعيد الزمان، ولا أحد سيشعل تلك الشموع من جديد في عام ١٤٢٨هـ وفي السابع والعشرين من جُمادى الأولى غادرنا فتات الفرح وكلّ مجريات الأيام كانت تقول لنا بأنّ هذا الجرح سيبقى غائراً، وفي بوّابة ذلك الانفجار سنبقى نسمع ترانيم حزينة محمّلة بكلّ أنواع الدمار، وامتلأت دواخلنا بالحنين وأشجار أحزاننا التي كبرت آلاف السنين لم ترتوِ أبداً لكنّ سامرّاء بعثت برسالة إلى كلّ الأعداء بأنّ هذه الأرض لا تتجزّأ ولا تموت، أمواتها شهداء يسقونها دماءً كلّ ذرّة فيها تفور بالغضب، وتبنيها إرادة في سواعد فولاذيّة فيها أجيال تحلّ السلاسل، وتقاتل فيها أجيال تنهض من روحها السنابل فعلى الرغم من سنوات القهر، ورغم المِحن ورغم الألم عادت سامرّاء تنثر زهور الياسمين، لتُحيي بالأمل ما مات فينا فبلادي لا تزال تصنع أمجادها، وترّدّد في أجوائها القدسيّة بآيات الصبر الملكوتيّة، تنير بألقها دروب المؤالفين لتعود اليوم قبّة العسكريّين ومآذنها وتشرق ببهاء المعصومين(عليهم السلام) على الوجود، فتغذّي في الفؤاد عشق الأسياد السادة الأطهار، ونتعلّم من نهضتكِ يا أرض الكرامة كيف ننصر مولانا المهديّ(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وننتصر به لننعم بمرأى طلّته البهيّة في دولة كريمة تشتاق وجوده المقدّس وإلى أنفاسه النورانيّة.