عَطَاءَاتُ الكَفِيلِ

دعاء فاضل الربيعيّ/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 279

أذرع الجود ممتدّة بالعطاء ممّن جاد بنفسه لأجل الدين، وها هي اليوم ركائز العلم منتشرة باسم كفيل العقيلة (عليها السلام) وحامي خدر الفواطم في كلّ أصقاع الأرض لمحبّي آل البيت (عليهم السلام)، تتسابق كلماتنا والحروف شوقاً للتعبير عن مدى امتناننا للعتبة العبّاسيّة المقدّسة/ شبعة مدارس الكفيل، التي كانت سبباً في نشر علوم آل البيت (عليهم السلام) وبيان أهميّتها وضرورتها في حياة الفرد المؤمن، وذلك عن طريق فتح عدّة مدارس حوزويّة دينيّة في عموم البلاد، تعنى بدراسة علوم الفقه والأصول وأحكام الدين كافّة، وكان لمحافظة المثنّى نصيب من عطاءات الكفيل، إذ بادرت العتبة بفتح حوزةٍ نسويّة على أرض المثنّى الطيّبة، فكانت مكانَ علمٍ ومحطَّ اهتمامٍ لكثير من الأخوات المؤمنات اللاتي أسرعن متلهِّفات إلى نيل العلوم الدينيّة التي تُسهم في رقيّ المرأة وعلوَّ شأنها، وكان لمجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) شرف تسليط الضوء على حوزة (البتول). رياض الزهراء (عليها السلام): متى اُفتتحت الحوزة وما الصدى الذي لاقته؟ وكيف كان إقبال الطالبات على التسجيل؟ الستّ نادية عليّ الحمدانيّ/ مديرة الحوزة: أُحيّي ملاك مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)، وأرحِّب بهذا التواصل المبارك الذي أتاح لنا فرصة الحديث عن حوزة البتول (عليها السلام)، افتتاح الحوزة كان في بداية سنة 2018م، وحوزتنا تُعدّ أوّل مدرسة حوزويّة تابعة للعتبة العبّاسيّة المقدّسة في مركز محافظة المثنّى، ولله تعالى الحمد كان لها صدًى طيّب على مستوى المحافظة، ويُشار إليها بالبنان، ووجدنا إقبالاً كبيراً من نساء المثنّى على التسجيل والالتحاق بها، فبدأ العدد بـ80 طالبة، وتزايد أعداد الطالبات كان يزيد من عزمنا وإصرارنا على مواصلة الدرب وتقديم الجهود لخدمة أخواتنا المؤمنات اللاتي اتّجهنَ إلى نيل علوم آل البيت (عليهم السلام)، والتزوّد بها لتحصين أنفسهنّ ودينهنّ. رياض الزهراء (عليها السلام): كم عدد مراحل الحوزة، وما أهمّ الدروس التي تُدرَّس في كلّ مرحلة، وما الشروط الواجب توافرها في الطالبة المتقدِّمة إلى الدراسة الحوزويّة؟ أجابت الحمدانيّ: نظام المدرسة نظام حوزويّ متكوّن من خمس مراحل، إضافةً إلى مرحلتين تمهيديّتين لمحو الأميّة، يُدرَّس فيهما القراءة والكتابة والحساب، وبعض المعلومات العامّة التي تؤهّل الطالبات لتقبّل الموادّ الحوزويّة، أمّا الموادّ المعتمدة في السنين الخمس من الحوزة فهي الفقه والعقائد والسيرة والنحو والمنطق وعلوم القرآن، وأمّا الشروط الواجب توافرها في الطالبة المتقدّمة للدراسة فهي أن لا يقلّ عمرها عن خمسة عشر عاماً، وأن تكون حَسَنة السيرة والسلوك، وأن تجيد القراءة والكتابة حتّى تتمكّن من الالتحاق بالمرحلة الأولى، وبخلافه تلتحق الطالبة بالمرحلتين التمهيديّتين. رياض الزهراء (عليها السلام): ما آليّة العمل في الحوزة، وهل هناك نشاطات وفعّاليات تُقيمها الحوزة لطالباتها؟ قالت سهام الجيّاشيّ/ المعاونة: طبيعة العمل في حوزة البتول (عليها السلام) هو كالآتي: يُفتح باب التسجيل للأخوات، ونُخبرهم بالشروط الواجب توافرها التي أشارت إليها الإدارة آنفاً، مثلما نعرض الخدمات التي توفّرها الحوزة للأخوات وهي وجود وسائل نقل، وتوفّر حضانة مجّانيّة لأولاد الطالبات. وأيّام الدراسة في حوزتنا المباركة هي أيّام الأربعاء والخميس والجمعة والسبت، مثلما هناك فعّاليات على الصعيد الخاصّ والعامّ، أمّا الفعّاليات الخاصّة فقد أسّس الملاك الإداريّ والتدريسيّ مع ثلّة من الطالبات موكباً باسم موكب البتول الطاهرة (عليها السلام)؛ لتمثيل الحوادث التاريخيّة لحياة الأئمة (عليهم السلام) عَبر عروض مسرحيّة مستوحاة من المصادر الموثوقة، إضافةً إلى عقد جلسات قرآنيّة في ليالي شهر رمضان المبارك، وكان حضور الأخوات لافتاً للنظر ولله تعالى الحمد، أمّا على الصعيد العامّ فللحوزة مشاركات في مهرجان روح النبوّة الذي تُقيمه العتبة العبّاسيّة المقدّسة. تتمّة الحديث كانت مع الملاك التدريسيّ، إذ التقينا بالستّ جنان أحمد آل سلمان/ أستاذة مادّة العقائد، التي تحدّثت إلينا عن صعوبات إيصال المادّة الدراسيّة إلى الطالبات، لا سيّما أنَّ هناك بعض الموادّ الدينيّة تحتاج إلى شرح وفهم كمادّة العقائد مثلاً: إنّ تدريس الموادّ الحوزويّة له متعة روحيّة، خصوصاً الموادّ العقليّة التي تثبِّت العقيدة الصحيحة، وهي أساس الدين، حيث ينطلق الإنسان منها إلى الكمال والسعادة الحقيقيّة، فالحمد لله تعالى الذي وفّقنا لأن نسلك طريق التبليغ بدين محمّد (صل الله عليه وآله) وآله (عليهم السلام) الذي يهدف إلى إيصال المجتمع إلى الكمال المنشود، الحقيقة أنَّ العلوم الحوزويّة وخاصّة العقليّة فيها نوع من الصعوبة على الطالبات، وذلك بسبب التفاوت الثقافيّ والبيئيّ بين الطالبات الذي يحتاج إلى بذل جهد إضافيّ لإيصال المعلومة بشكل كامل وتامّ، وهدفنا وغايتنا الأسمى هي تخريج نساء واعيات مؤهّلات لنصرة إمام زماننا (عجل الله تعالى فرجه). وفي حديث شائق آخر مع الستّ نجاة عبد الرزّاق عبد/ مدرّسة مادّة التلاوة، بيّنت متفضّلة: جزيل الشكر ووافر الامتنان للعتبة العبّاسيّة المقدّسة، ولكلِّ المساهمين والقائمين على مشروع مدارس الكفيل الدينيّة النسويّة التي تُقدِّم الفائدة الكبيرة لنساء بلدنا، حيث أسهمت هذه المدارس في رفع المستوى الدينيّ والأخلاقيّ والعلميّ لبناتنا، ونرى إقبالاً وشغفاً واسعاً لدى الأخوات فيما يخصّ تعلّم القواعد الأساسيّة للقراءة القرآنيّة الصحيحة. وكان لرياض الزهراء (عليها السلام) حديث مع الفئة المستفيدة وهنّ طالبات الحوزة، إذ سألناهنّ عن كيفيّة التوفيق بين الدراسة وبين مَهامهنّ المنزليّة، وماذا أضافت لهنّ الدراسة الحوزويّة، هل أسهمت في إثرائهنّ فكريّاً وثقافيّاً؟ وما طموحاتهنّ للمستقبل؟ أجابت الطالبة منال حمّاي منشد/ مرحلة ثانية: التحقتُ بالحوزة عن طريق الإعلانات في بعض المجالس الحسينيّة، ولله الحمد استفدتُ كثيراً من هذه الدراسة التي أضافت لي الكثير من المعلومات الدينيّة وأسهمت في تقوية عقيدتي وإيماني بالله تعالى، وتعلّمتُ الكثير من المسائل الابتلائيّة الفقهيّة التي كنتُ أجهلها، وهذه لوحدها نعمة ما بعدها نعمة، وأسأل الله تعالى أن يوفّقنا لتعلّم المعارف الإسلاميّة ونشرها، وهو أسمى طموحاتنا المستقبليّة بعد التخرّج من هذه الحوزة المباركة. أمّا الطالبة مريم عبد الكريم/ مرحلة ثانية فقالت: الدراسة الدينيّة أصبحت جزءاً لا يتجزّأ مِن حياتي، وببركة هذه الحوزة غمرني شعور بالفخر والسعادة كَوْني طالبة لعلوم آل البيت (عليهم السلام)، وقد انعكست هذه العلوم ومحتواها على حياتي ومسيرتي الدنيويّة ونجحتُ في تنظيم وقتي وتقسيم أعمالي ومَهامي الدراسيّة والمنزليّة، من دون أن تطغى إحداها على الأخرى، وأسأل الله تعالى أن يوفّقنا لنُصرة الحقّ وأهله، وأطلب من الباري أن يجعلنا من الصادحين بالحقّ والناصرين لمذهبنا وإمام زماننا (عجل الله تعالى فرجه). ختاماً لا يسعنا إلّا أن ندعو الله تعالى ونسأله أن يديم هذا الشغف والحبّ والاهتمام بتحصيل العلوم الدينيّة، ونرجو أن تعمّ هذه النعمة على كافّة الأخوات المؤمنات في جميع بقاع الأرض؛ لأنّ نجاة الإنسان تكون بعلمه وعمله، وهنيئاً لمَن جمع العلم مع العمل وكان داعياً إلى الحقّ بقوله وفعله.