الصَّمْتُ بينَ الحِكمَةِ والتَّفكُّرِ

بيان ناظم الحسينيّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 127

خُلق الإنسان بطريقة تمكّنه من التواصل مع باقي أفراد جنسه من البشر، حيث يمكنه أن يعبّر عمّا في داخله أو ما يريد بسهولة عن طريق الكلمات. تلك الكلمات التي يمكنها أن ترفع من شأن الإنسان، أو أن تحطّ من قدره، فللكلمة قوّة، وهي سلاح ذو حدّين يتوجّب الحذر ومراقبة كلّ ما يخرج من أفواهنا؛ لأنّ كلّ ما يُنطق به يتحوّل إلى واقع عاجلًا أم آجلًا، فقوّة الكلمة يمكنها أن تنعكس سلبًا أو إيجابًا على المتكلّم نفْسه. لا يهمّ مدى صدقِ الكلمة أو مقصدها تمامًا؛ فلقد أثبتت الدراسات التنمويّة البشريّة مؤخّرًا بأنّ الكلمة إن خرجت من فم الإنسان فأنّها ستؤثّر بشكل حقيقيّ في مجرى الأمور في حياته! حتّى لو كانت على سبيل المُزاح! فنستطيع أن نتخيّل إذًا حجم الخطورة التي يواجهها كلٌّ منّا حينما يتكلّم سلبًا عن نفسهِ أو عمّا يواجهه في الحياة، أو عن الآخرين المحيطين به. فخيرُ الكلام ما قلّ ودلّ فعلًا، اختصر نفسكَ بكلمة حَسنة وعبّر عن ذاتكَ بأفعالكَ الطيّبة لا بكثرة الكلام، حيثُ لخّص الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ذلك المفهوم بقولهِ: "ومَن كَثُرَ كلامه كَثُر خطؤه".(1) أي أنّ الشخص كثير الخطأ معرّض إلى اللغط. واللغط في اللغة هو: الأَصوات المبهمة المختلطة والجلبة لا تُفهم(2)، أي إنّ الإنسان كثير اللغو يُصبح كثير الخطأ.. في المقابل الخطأ هو ما خالف الواقع من غير قصد، أي أنّ الإنسان كثير يصبح كثير اللغو الخطأ.. لذلك لنتجنّب اللغط لكي لا نقع في الخطأ. وذلك قانون كونيّ؛ أي إنّ كلّ ما يصدرُ عنكَ من كلام سيصبحُ واقعكَ شئتَ أم أبيتَ، لذا يمكنكَ الاستفادة من ذلك المفهوم في صياغة حياتكَ على النحو الأفضل، وأن تتجّه بها نحو الطريق السليم عن طريق اختصار الكلمات والإتيان بحُسن الأفعال وبالتسليم لله (عز وجل) دائمًا وأبدًا. ............................ (1) نهج البلاغة: ج4، ص57. (2) معجم لسان العرب: ج12، ص297.