رياض الزهراء العدد 165 لحياة أفضل
حُلَّةُ الاحتِرَامِ
كلّنا سمعنا في مراحل حياتنا المختلفة عن أهميّة الاحترام، عندما كنّا صغاراً في المدرسة وفي المنزل، ولاحقاً في الجامعة والعمل، ونسمع أحاديث تمجّد الاحترام والمحترمين عندما نسير في الشارع، ومع الوقت أخذ الحديث عن الاحترام يتزايد وعدد المنظّرين له يكثر، فهل نحن في عصر الاحترام؟ أهميّة الاحترام تكمن في تحويل الأقوال والتصرّفات من وصايا إلى اهتمام ورعاية وَفق حدود الحقوق والواجبات الإنسانيّة، وتحمي الآخرين من ضرر أفعال طائشة، ومتى ما توقّف الإنسان عن احترام أخيه سقطت الحدود، وسقطت معها المساحة الإنسانيّة للمعتدي والمعتدى عليه، فعندما لا أحترم حقّ ابني في اختيار تخصّصه فأنا أسلبه حريّة الإرادة، وأعيش نيابة عنه أيّ حدث سبّب تشوّهاً في حياتي، وعندما لا أحترم حقّ الشريك في أسلوب حياة يناسبه فأنا أحوّله إلى عبد وحمّلت نفسي مسؤوليّة أكبر ممّا أنا مكلّف بها، وعندما لا أحترم اختيار الأصدقاء في أنماط معيشتهم وتصرّفاتهم جَعلتُهم نُسَخاً منّي، وأجبرتهم على التفكير مثلما أريد أن أفكّر وكأنّي أنا الصواب المطلق وعلى الجميع أن يشبهوني، وهو الأمر الذي لم يقم به سيّد الرسل محمّد (صل الله عليه وآله)الذي جاء حاملاً الخير الإلهيّ والرسالة العظمى، وكلّ الأنبياء والمرسلين جاؤوا برسالتهم وبشّروا بدون أن يهينوا أحداً أو يحتقروا، أو يعادوا إلّا بأمر الله (عز وجل)، ولأجل إعلاء كلمته. نرى أشخاصاً كُثراً يتحدّثون عن الاحترام في مجالسهم، لكنّهم ينهضون من المجلس وقد تركوه كساحة معركة من دون احترام لأهل الدار، يطرقون الأبواب في كلّ وقت، ويرمون النفايات في كلّ الشوارع والمتنزهات. إنّ ما نحتاجه ليس الحديث عن الاحترام بل تطبيق الاحترام، والعيش وفقه؛ لنحافظ على حياة الآخرين وحياتنا، فنحن حين نقدّم الاحترام نحصل عليه، ونقي أنفسنا شرّ تخطّي الحدود وما ينتج عنه من مصائب وويلات.