التَعلِيمُ الإلِكترُونيّ في العِرَاق

أ. م. د. صبا حسين مولى / الجامعة المستنصريّة
عدد المشاهدات : 217

لا يَخفى علينا بأنّ جائحة كورونا كانت السبب الرئيسيّ لتبنّي فكرة التعليم الإلكترونيّ أو التعليم الافتراضيّ على الساحة التعليميّة من قِبل وزارة التربية ووزارة التعليم العالي والبحث العلميّ، وهو الحلّ الأمثل لتخطّي الأزمة. عند الحديث عن التسلسل التاريخيّ لظهور التعليم الإلكترونيّ، نجد أنّ بدايته كانت في القرن التاسع عشر، وعُرف بالتعليم بالمراسلة حينما كانت تُرسل المادّة التعليميّة عن طريق البريد إلى الطلبة الذين لا يستطيعون الالتحاق بالتعليم التقليديّ بسبب العمر أو أسباب شخصيّة أخرى، ومن ثمّ تحوّل إلى التعليم عن طريق المذياع والأجهزة السمعيّة آنذاك، ثم انتقل بعد ذلك إلى التلفزيون وأشرطة الفيديو. ومع تطوّر العلوم والتكنولوجيا أصبح الحاسوب وشبكات التواصل الاجتماعيّ وسيلة من وسائل التفاعل بين المعلّم والمتعلّم. وبقدر تعلّق الأمر بالتعليم الإلكترونيّ في العراق، نجد بوادره الأولى قد ظهرت عام 2015م حينما صدر الأمر الوزاريّ المرقّم (1205) بتاريخ 5/4/2015 بتشكيل اللجنة العليا للتعليم الإلكترونيّ في مركز وزارة التعليم العالي ليتولّى وضع استراتيجيّة للتعليم الإلكترونيّ على مستوى الجامعات العراقيّة، فضلاً عن موافقة معالي وزير التعليم العالي وبحسب كتاب وزارة التعليم العالي ذي الرقم (ب ت 2/1704 في 5/3/2015م) على تفعيل مركز المعلومات العلميّة والتكنولوجيّة في الهيئة العراقيّة للحاسبات والمعلوماتيّة ليكون أنموذجاً للتعليم الإلكترونيّ. إنّ التعليم الإلكترونيّ هو نظام تعليميّ تفاعليّ يُقدّم للمتعلّم باستعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال، ويعتمد على بيئة إلكترونيّة رقميّة متكاملة تعرض المقرّرات الدراسيّة كافة عَبرَ الشبكات الإلكترونيّة، ويوفّر سبل التوجيه والإرشاد وتنظيم الاختبارات. ويُعرف أيضاً بأنّه ذلك النوع من التعليم الذي يعتمد على استخدام الوسائط الإلكترونيّة في الاتصّال بين المعلّمين والمتعلّمين وبين المتعلّمين والمؤسّسة التعليميّة برمّتها. وعند اجتياح (كوفيد 19) البلاد، بدأت أساليب التعليم الإلكترونيّ تظهر على الساحة التعليميّة، ولكونها تجربة جديدة على الكلّ، حمل في طيّاته أموراً سلبيّة وإيجابيّة يمكن إجمالها كالآتي: تجربة جديدة، وخبرة قليلة، والإمكانات الماديّة والبشريّة ضعيفة، إلى جانب تدنّي مستوى الإنترنت، وعدم اتخاذ التعليم الإلكترونيّ بشكل جادّ من قِبل المتلقّي بسبب إمكاناته المحدودة في التعليم الإلكترونيّ، وأسلوبه الجديد في التعلّم، مع التساهل من قِبل المؤسّسات التعليميّة في سبيل إنجاح المهمّة. لكن كلمة الحقّ تقال بأنّ طريقة التعليم الإلكترونيّ كانت السبيل الوحيد لاستمرار التعليم في ظلّ جائحة (كورونا)، مثلما أنّها عزّزت العلاقات الأكاديميّة والثقافيّة بين العديد من الأوساط لكونها فسحت المجال للتعارف بينهم، وإبداء الآراء. مثلما أنّه أسهم بنقل عمليّة التعليم من مجرّد التلقين من قِبل المعلّم وعمليّة التخزين من قِبل الطالب إلى العمليّة الحواريّة التفاعليّة بين الطرفين، وهو الهدف الذي نطمح للوصول إليه لتحسين مستوى التعليم. فالتعلّم الإلكترونيّ يمكّن الطالب من تحمّل مسؤوليّة أكبر في العمليّة التعليميّة عن طريق الاستكشاف والتعبير والتجربة فتتغيّر الأدوار، حيث يُصبح الطالب متعلّماً ومتفاعلاً بدلاً مِن متلّقٍ، والمُعلّم موجِّهاً بدلاً من خبير.