رياض الزهراء العدد 165 منكم وإليكم
إنَّها البِدَايةُ وليست النِّهايةَ
قصص النجاح والإخفاق في هذه الحياة كثيرة، وقد نكون عاملاً رئيسيّاً في فشل بعض التجارب، ولكن في كثير من الأحيان تضعنا الأيّام في لحظات نعدّها لحظات فشل وكأنّه القدر يريد منّا أن نتوقّف، فمثلاً نجد أنّ فلاناً موظّف ناجح وسعيد، وكان ينتظر مكافأة مجزية أو ترقية مهمّة، ولكنّه يتفاجأ بأنّه مفصول ومُستغنى عن خدماته، وفي حالة أخرى نجد طالباً مجتهداً في دراسته وكان كلّ حلمه أن يحصل على معدّل عالٍ جداً ليحقّق حلم حياته وهو الالتحاق بكلّية الطبّ، ولكنّه تفاجأ بالنتائج النهائيّة بأن كان معدّله قليلاً جداً لا يُدخله إلّا معهداً أو كلّية بمعدل قليل، ففي هذه اللحظة سيشعر وكأنّ الحياة قد انتهت، وكأنّها النهاية، فهو يعتقد أنّها نهاية الطريق، ولا يعرف كيف يتصرّف في مواقف كهذه، فكلّ خططه للمستقبل ماتت قبل أن تُولد، وكلّ آماله ذهبت سدى، فكيف الحلّ؟ وماذا نعمل؟ في الحقيقة هذه البداية؛ لأنّكَ ستدرك أنّ هناك تغييّراً يجب أن يحدث في حياتكَ، ربّما هناك عمل لم تعد تطيقه، أو لديكَ صداقة سيّئة تجرّكَ إلى الضياع، وقد يكون لديكَ وزن زائد لا تستطيع تحمّله فيما بعد في مشواركَ، هناك ربّما سلوكيّات ظلّت ترافقكَ لوقت طويل حتّى أصبحت جزءًا منكَ ومن شخصيّتكَ بحيث أنستكَ مدى الألم الذي تعيشه فلتتخلّص من هذه المشاكل لابدّ لكَ من صدمة كبيرة تُعيد إليكَ التوازن في حياتكَ، فهنا تجد نفسكَ قبالة التحدّيات نفسها، ولا تعرف كيفيّة الخروج من هذه التحديّات، هنا فقط يبدأ عملكَ الحقيقيّ الذي تستخدم فيه كلّ طاقاتكَ اللامحدودة التي وهبكَ الله تعالى إيّاها، حتّى أنتَ لم تكن تعرف بهذه الإمكانات، وحدها الظروف والمصائب مَن يُخرج حقيقة جوهر المرء، وأعلم أنّ العمل الحقيقيّ يبدأ عندما يأخذكَ التيّار حيث يشاء فتجد نفسكَ ضائعاً لا تعرف ماذا تفعل في حياتكَ، أو كيف تتصرّف، وعندها ارجع قليلاً إلى الأسباب والظروف التي من حولكَ وأعِدْ رسم الخطط التي تتلاءم مع ظروفكَ وعلاقاتكَ، وهذا كلّه بعد التوكّل على الله تعالى واستشارة أهل الحكمة والتجربة، فعندها تبدأ الرحلة ويبدأ النجاح، وتقودكَ إمكاناتكَ نحو السعادة وبرّ الأمان، والسؤال الحقيقيّ هو: هل أنتَ مستعدّ لمواجهة الظروف والتحديّات وبدء حياة جديدة؟ هل أنتَ فعلاً مستعدّ لإعادة برمجة حياتكَ مع لحظة توقّف لم تكن في الحسبان مطلقاً؟ أم تريد أن تضيع في بحر الحزن، والبحث والانتقام ممّن كان السبب في هذا الوضع الذي أنتَ فيه؟ نعم، حان الوقت لبداية جديدة، وفي هذه اللحظة بالذات لأنّها لحظة عظيمة، لحظة تغيير المسار، لحظة البداية لمستقبل زاهر بإذنه تعالى.