العَباءَةُ وتَحدِيَّاتُ التَّطَوُّر ِ

حوراء أحمد عبد السادة/ بغداد
عدد المشاهدات : 164

من المتعارف عليه عمومًا في بعض المجتمعات هو محاربة المرأة وخصوصًا -العربيّة- لعمقها العقائديّ والحضاريّ و الأخلاقيّ من قِبلِ مريضي العقول والقلوب، أصحاب المنافع الشهويّة والماديّة، ومن أجل أن يصل هؤلاء إلى مبتغاهم يقومون بضخّ ملايين الدولارات من أجل ترويج بضاعتهم الموبوءة فكريًّا ، لكن ماذا لو كانت محاربتهم هذهِ المرّة مختلفة تمامًا عن سابقاتها؟ ماذا لو كانت أفكارهم مريضة أكثر؟!، فلا يخفى عليهم وجود نماذج للمرأة المثاليّة العربيّة الأصيلة ذات الرداء الطاهر والمحتشم، وصاحبة وعي تجاه فكرها الدينيّ والحضاريّ، فهل يترك العدوّ فسحة لهنّ ويكتفي بالتفرّج، أم يحاول جرّهنّ بطريقة أو بأخرى إلى طريق مغلق؟! وهنا نرى محاولة العدوّ واضحةً جدًّا عن طريق دسّ السُمِّ في العسل، لكنّ السؤال هو: وكيف ذلك؟ الجواب سهل، عن طريق الإبقاء على فكرة العباءة لكن بتغيير معالمها الحقيقيّة، وذلك عن طريق وضع بعض الزخارف و الزينة، أو تغيير شكلها عمّا هو متعارف عليه لجذب انتباه الشباب وجرّهم إلى ما فيه شقوتهم، فهم بذلك يكونون قد سدّدوا أول سهم ليصيبوا به أطهر رداء، ألا و هو الرداء الزينبيّ، فنرى بعض الأخوات –ويا للأسف الكثير منهنّ- يهرعن إلى شراء بضاعة مسمومة كهذهِ من حيث يعلمنَ و من حيث لا يعلمنَ. إطلاق كلمة (ستايل) على العباءة و كأنّها مادّة للعرض هو أمر مرفوض، مثلما يجب مقت العباءة ذات الطابع المشبوه حتّى وإن كانت فضفاضة في نظر بعضهنّ، لكن أيّ شيء يتخلّله بعض من الزخارف فهو زينة، فالفتاة التي يكون جلّ اهتمامها وتفكيرها بالستر لن تنظر إلى المستحدثات، أو ما يُعرف بـ(الستايل) على هذا الزيّ الطاهر، بل تعلم جيدًا ويقينًا بأنّ العباءة الداكنة السواد الخالية من النقوش وما شابه ذلك، وليس فيها تلاعب شيطانيّ آخر هي في غاية رضا الله تعالى، ورضا صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه)، وكأنّي استحضر قولاً للشهيدة بنت الهدى (رضوان الله عليها) كلّما رأيتُ شبهات كهذه، إذ تقول: "‏نحاول أن نثبت للمجتمع أنّ في إمكان الفتاة أن تبرز لسببٍ من كمالها الشخصيّ، وليس على حساب وسائل التجميل ومستحدثات الموضة، فهي حينما تبرز بكمالها المستقلّ تشعر بلذّة الكمال ونشوة الانتصار، بخلاف ما لو برزت على حساب تخطيطات مصمّمي الأزياء وواضعي خطوط المكياج، فهي حين ذاك تكون وسيلةًً للعرض لا أكثر ولا أقلّ"(1). فبالمقابل عليكِ يا أختاه أن تحذري من الحرب العقائديّة والفكريّة والحضاريّة أيضًا، والانتباه أشدّ الانتباه؛ من أجل كشف زيف خدع العدوّ؛ كيّ نثبت مدى محافظتنا على إرث السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وكذلك المحافظة على هويّتنا العقائديّة والحضاريّة. ....................................... (1) المجموعة القصصيّة الكاملة: ص 254.