رياض الزهراء العدد 165 صحة العائلة النفسية
الأُسرَةُ والمُراهِقُ... وَكَيفِيّةُ التَّعَامُلِ مَعهُ
تعدّ مرحلة المراهقة من المراحل العمريّة المهمّة والحسّاسة التي يمرّ بها الإنسان، لكونها مرحلة انتقاليّة تأخذ الفرد من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب، وتُحدّد بداية مرحلة المراهقة ببداية البلوغ عند الصبي أو البنت، وتختلف بدايتها ونهايتها من شخص إلى آخر، ومن مجتمع إلى آخر وعلى حسب الجنس، وقد تطول أو تقصر تبعاً للنمط الحضاريّ الذي يعيش فيه المراهق. إنّ الفرد لا يترك عالم الطفولة ويصبح مراهقاً بين عشيّة وضحاها، بل ينتقل إليها انتقالاً تدريجيّاً، ويتخلّلها تغيير شامل وجذريّ في مختلف الجوانب الجسميّة والعقليّة والانفعاليّة والاجتماعيّة، ووظائف الأجهزة وإفراز الهرمونات، ويتميّز هذا الانتقال بالنموّ المتسارع مقارنة بالمرحلة العمريّة السابقة والمرحلة العمريّة اللاحقة. وقد يواجه المراهق العديد من المشكلات في أثناء مراحل المراهقة المختلفة: "المراهقة المبكرة – مرحلة البلوغ (12-15)، المراهقة المتوسّطة (15- 17)، المراهقة المتأخّرة (18 – 21) وهي مشكلات تتعلّق بالذات والمظهر الخارجيّ، إذ إنّ المراهق يراقب مظهره الخارجيّ باستمرار، ويقوم برصد جميع التغيّرات والتطوّرات العضويّة والفسيولوجيّة التي قد تولّد ردّات فعل مَن حوله على هذه التغيّرات، فضلاً عن المشكلات الناتجة عن الشعور بالخوف الذي يعاني منه المراهق الناتج عن معاملة الوالدين والمدرّسين، والنظرة غير السوية للمجتمع والأصدقاء، ومشكلة انعدام التوافق النفسيّ التي تعدّ من أهمّ المشكلات وأخطرها على المراهق، والتي تجعله عرضة للتخبّط والهياج، ممّا ينتج عنه العديد من المشاعر السلبيّة كالبكاء والحزن والضيق وعدم الاستقرار والعنف والعدوان و..، وهذا الأمر لا يتماشى مع الجوّ الأسريّ ممّا يولد اختلافاً وتبايناً في وجهات النظر بين المراهق وبين الوالدين، ويسمّى ذلك بصراع الأجيال، ويكون هذا الصراع غالباً حول التقصير في أداء الواجبات المنزليّة والدراسيّة، ورغبة المراهق في الاستقلاليّة والتمرّد على سلطة الوالدين. إنّ للأسرة دوراً مهمّاً في مرحلة المراهقة، إذ يقع على عاتقها وضع استراتيجيّات معيّنة تساعد المراهق على الانضباط الذاتيّ وتحفيز قدراته الخاصّة ومساعدته على اتّخاذ القرار، إذ إنّه يحتاج إلى الرعاية والمتابعة، فعلى الآباء في هذه المرحلة مراعاة التغيّرات الجسميّة والنفسيّة للمراهق، وعدم الاستهزاء بتصرّفاته، وعدم اللجوء إلى الإيذاء البدنيّ كالضرب الذي يؤثّر سلباً في شخصيّته، وعدم إلقاء اللوم عليه، والابتعاد عن مقارنته بالآخرين. وبصورة عامّة هناك مبادىء رئيسيّة يمكن للأسرة اتّباعها في التعامل مع المراهق، تتمثّل في زرع بذور الإيمان والتديّن الذي يمنعه من ارتكاب المحرّمات والمعاصي، وطاعة الوالدين واحترام القِيم والمُثل الروحيّة والمعنويّة، والتوازن في التربية بعدم استخدام القسوة الشديدة أو الليونة المفرطة في التعامل، والاهتمام الشامل بكلّ حاجات المراهق النفسيّة والعقليّة والماديّة والمعنويّة والعمل على إشباعها، وتقديم القدوة الحسنة للمراهق من قِبل الوالدين، وضرورة تثقيفه جنسياً؛ وذلك لأنّ من المتغيّرات المهمّة في هذه المرحلة هي استيقاظ الغريزة الجنسيّة عند المراهق والشعور بالحاجة إلى إشباعها، وتوضيح نظرة الإسلام في ذلك وتشجيعه على الصلاة والصيام والاهتمام بتلاوة القرآن الكريم والتحلّي بأخلاقيّات الإسلام وآدابه.