رياض الزهراء العدد 81 مناهل ثقافية
مَائدَةُ السَّيّدةِ الزَّهرَاء (عليها السلام)
عن ابن عباس، في حديث طويل: أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) دخل على فاطمة (عليها السلام)، فنظر إلى صفار وجهها وتغيّر حدقتيها، فقال لها: "يا بنيّة، ما الذي أراه من صفار وجهك وتغيّر حدقتيكِ" فقالت: "يا أبه إنّ لنا ثلاثاً ما طعمنا طعاماً وإن الحسن والحسين قد اضطربا عليّ من شدة الجوع ثم رقدا كأنهما فرخان منتوفان". قال: فأنبههما النبي (صلى الله عليه وآله) فأخذ واحداً على فخذه اليمنى والآخر على فخذه اليسرى وأجلس فاطمة بين يديه واعتنقها النبي (صلى الله عليه وآله) ودخل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فاعتنق النبي (صلى الله عليه وآله) من ورائه، ثم رفع النبي (صلى الله عليه وآله) طرفه نحو السماء فقال: "إلهي وسيّدي ومولاي هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا". قال: ثم وثبت فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) حتى دخلت إلى مخدع لها، فصفت قدماها فصلّت ركعتين، ثم رفعت باطن كفيها إلى السماء، وقالت: "إلهي وسيّدي، هذا محمد نبيك، وهذا علي ابن عمّ نبيك، وهذان الحسن والحسين سبطا نبيك، إلهي أنزل علينا مائدة من السماء، كما أنزلتها على بني إسرائيل، أكلوا منها وكفروا بها، اللهم أنزلها علينا فإنا بها مؤمنون" قال ابن عباس: والله ما استتمت الدعوة، فإذا هي بصحفة من ورائها يفور قتارها، وإذا قتارها أزكى من المسك الأذفر، فاحتضنتها ثم أتت بها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي والحسن والحسين، فما إن نظر إليها علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال لها: "يا فاطمة من أين لك هذا؟" ولم يكن عهد عندها شيئا، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): "كلّ يا أبا الحسن ولا تسأل، الحمد لله الذي لم يمتني حتى رزقني ولدا، مثلها مثل مريم بنت عمران (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (آل عمران:37) قال: فأكل النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين.(1) ........................... (1) بحار الأنوار: ج43، ص73.