أَتساءَلُ

خديجة عليّ عبد النبيّ
عدد المشاهدات : 180

كيف للإنسان أن تغمره المشاعر في لحظة معيّنة بسرعة غير قابلة للحسابات الرياضيّة والأعداد والأرقام، وبمنطق غير وارد للتفسير؟ المشاعر على اختلافها، الإيجابيّة والسلبيّة، كيف نُرجّ هكذا فجأة، ونتبعثر، ونتحلّل كأنّنا نعود إلى عناصرنا الأوليّة داخليّاً.. ما الذي يحدث؟ كيف ينغمس هذا الشعور في القلب، بل هل هو بالقلب حقّاً أم إنّه يتوزّع على كامل الجسد لذلك قد يُؤلم صدورنا الفراق، ويُبهت بشرتنا الفَقد، ويهدّ عضلاتنا الحزن فلا يقوى المرء في أحايين كثيرة حتّى على القيام من مضجعه، ربّما لأنّ المشاعر تتموّج سابحة في الروح التي تلبس هذا الجسد المادّي كالثوب، تتشعشع إن كانت سعيدة وتظلمّ إن كانت عكس ذلك، ربّما لأنّها تختصّ بذلك العالم الحقيقيّ، العالم الآخر، ربّما أراد الله تعالىأن يُفهمنا ويُعطينا عيّنات نتذوّق عن طريقها شيئاً من الحياة الأخرى حتّى نفهم وندرك أنّ سعادتنا ولذّاتنا، أحزاننا وعذاباتنا تكمن فقط في الأرواح فنعتني بها، هي مناط الأمر وقطب الرحى التي تدور حولها الحقيقة الوحيدة، هذه الخفّة في الأحاسيس ربّما كانت مقصودة متعمّدة ليفهم مَن يفهم أنّ وراء هذا الإنسان المادّي المعتم حَيَوات غير هذه.. شيء يثبت له أنّه عابر.. ثمّة قطع غير مرئيّة موجودة فيه عليه أن يركّبها كي يرى لوحة الوجود كاملة.. ليفهم نفسه.. ويقدّر ذاته، ويُحسن سلوكه قبل أن يمضي.. أَوَ تدرينَ ما حدث لنا يا صديقتي حينما أرادوا أن نتحوّل إلى أشياء مُصمتة فارغة..، صامتة صلداء لا تنمّ عن أيّة حركة معرفيّة؟ صرنا كهفًا متوارياً خلف مياه شلال عالٍ، مترامي الأطراف على سفح جبل لا يُظهِر ما بداخله.. نحن فقط نتلألأ! يا بن العراق الحزين!.. يا ولي عهد جدائل النخيل، ومركباً تائهاً في الجنوب، ووشاحاً يشقّ الصدور حتّى غدا طافيًا على وجه النهرين الحزينين.. وحبّة خالٍ جاورت وشماً أخضر بظاهر كفّ عجوز حنون.. إنّ تيجان العالم كلّها لا تناسب أقطار حلمكَ! أيّها الملك المغدور الذي ينزف تحت درعه بيد أنّه يُطمئِنُ شعبه..