رياض الزهراء العدد 166 شمس خلف السحاب
المَناهِلُ الرَّوِيَّةُ
عندما أضع رأسي على الوسادة أفكّر باليوم الموعود، وأتخيّل كيف سيكون شكل الأرض عند ظهور صاحب العصر والزمان(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فجذب انتباهي قوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ)/(الملك: 30)، جاء في كتاب كمال الدين وغيبة الطوسيّ عن الإمام الباقر(عليه السلام) في تفسير هذه الآية أنّه قال: "إن أصبح إمامكم غائباً عنكم لا تدرون أين هو فمن يأتيكم بإمام ظاهر؟ يأتيكم بأخبار السماء والأرض؟"(1). وصف القرآن الكريم الإمام بالماء المعين، وهذا الترابط له دلالات واضحة وتشابه دقيق، فالماء هو سرّ الحياة والإمام هو سرّ الوجود، وللماء قدرة على إرواء الأبدان وإنقاذها من غصّات العطش والموت الجسديّ، وهذه الخاصيّة لا توجد في أيّ مادّة أخرى في الكون، والإمام له القدرة على إنقاذ الأرواح من ظلمات الجهل والموت الأبديّ، بدليل قوله تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)/(الحديد: 17)، فقد جاء في تفسيرها عن أبي جعفر(عليه السلام) قوله: "يُحييها الله عزّ وجلّ بالقائم(عجل الله تعالى فرجه الشريف) بعد موتها، بموتها كفر أهلها، والكافر ميّت"(2). فالأرض تحيا بالماء الظاهريّ فتُخرج خيراتها من النباتات والأشجار وغيرها، وتحيا بالماء الباطنيّ وهو إمام زماننا، فتحيا الأرواح والنفوس وتُشرق الأرض بنوره(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وعن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "تصطلح في مُلكه السباع، وتُخرج الأرض نبتها، وتُنزل السماء بركتها، وتُظهر له الكنوز"(٣). السلام عليكَ يا عين الحياة، متى نَرِدُ مناهلكَ الرويّة فنروى؟ متى ننتقع من عذب مائكَ فقد طال الصدى؟ ........................................ 1- تفسير القميّ: ص٦٩٠. 2- كمال الدين: ج2، ص408. 3- بحار الأنوار: ج52، ص280.