إِيمانُ جَدِّ الأَئِمّةِ النُقَباءِ(عليهم السلام)

الشيخ حبيب الكاظمي
عدد المشاهدات : 260

السؤال: نحن مجموعة من الطالبات اللواتي دأبنَ على تسليط الضوء على الشخصيّات الإسلاميّة التي عاشت مع الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) أبان أيام عدم اشتداد عود الإسلام ومن بين تلك الشخصيّات (أبو طالب(عليه السلام)) وإيمانه، فكيف لنا أن نمنهج مقدّمة لتناول هذا الموضوع؟ الردّ: إنّ مسألة إيمان أبي طالب عمّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وكافله من المسائل الخلافية لدى العامّة، وكبحث أو محور نقاشيّ نحتاج بوصفنا باحثين حول شخصيّة أبي طالب أن نكشف عن الزيف الذي وقع في كتب التاريخ من تلاعب بالحقائق، وهي الخطوة الأولى لإثبات ظلامة هذا الرجل باختيار الناقل فلا بدّ من أن نقف موقفًا محتاطًا، ومتأملًا، ومنتقدًا، وانتقائيًا من التاريخ؛ لئلا نقع في هذا الخلط، فنحن نحبّ أن نتقرّب إلى الله(سبحانه وتعالى)، بإدخال السرور على ذرية نبيه(صلى الله عليه وآله وسلم)، عن طريق إثبات إيمان هذا الرجل العظيم. ولعلّ من أفضل الشخصيّات التي تناولت شخصيّة أبي طالب هو العلّامة الأمينيّ، هذا الرجل الذي له حقّ على التاريخ، وعلى العقائد، وعلى الحديث، وعلى الأمّة الإسلاميّة، عن طريق موسوعته القيّمة موسوعة (الغدير)، حيث نقل من أهل السنة والجماعة مجموعة ذكرهم في كتابه، منهم: السبط ابن الجوزيّ، والسيوطيّ، والقرطبيّ، والتلمسانيّ، وغيرهم من الذين نُقِل عنهم هذا الإيمان، بل حَكَم بعضٌ منهم - من بعض علماء العامّة- بأنّ من أَبغضَ أبا طالب فقد كَفر. ومن ثمّ ننتقل إلى تفنيد إشكاليّة كيفيّة التوافق بين كفر هذا الرجل العظيم، وبين المواقف التي كان يقفها في مكّة بأن لا تعدّ هذه المواقف من منطلق دينيّ، بل من منطلق عشائريّ؛ وهذا أيضًا من صُور الظلم التي نُسِبت إلى هذا الرجل العظيم.. فهذا الدفاع المستميت عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، لا يمكن أن يصدر إلّا ممّن كان مستبطنًا للإيمان، نعم، إنّ الظرف الاجتماعيّ والبيئيّ، يجعل الإنسان يعيش حالة التقيّة، وعدم إظهار الإسلام بشكل صريح، وأبو طالب كان في بعض الحالات يمثّل الوسيط المفاوض بين النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وبين المشركين. وأمّا عن روايات أهل البيت(عليهم السلام) في هذا المجال فهي كثيرة، منها أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)- مثلما جاء في كتاب تذكرة الخواصّ- كان يترحّم على عمّه ترحّمًا يُستشفّ منه أنّه مات على الإيمان، وإلّا فإنّ الله(سبحانه وتعالى)، لا يتقبّل العمل إلّا من المتّقين، فإن كان الدفاع عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) لا هو في ضمن التقوى، ولا في ضمن الاعتراف بالتوحيد والنبوّة.. فما قيمة هذا الدفاع إن لم يكن مقترنًا بالإيمان؟.. ومن ثمّ تكون الخطوة الثانية هي طريقة الإقناع، وهذا يكون باختيار الروايات التي تتناسب مع حادثة من الحوادث التي مرّت بها الدعوة الإسلاميّة وصاحب الدعوة، وأهمّها انتقال الرسالة الإسلاميّة من مكّة المكرّمة بعد وفاة أبي طالب إلى المدينة المنوّرة، وأهمّ تلك الروايات هي رواية عن الإمام الصادق(عليه السلام): "إنّ أبا طالب أظهر الشرك، وأسرّ الإيمان، فلمّا حضرته الوفاة أوحى الله(سبحانه وتعالى) إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): اُخرجْ منها فليس لكَ بها ناصر، فهاجرَ إلى المدينة"(1)! هذه الرواية تبيّن أهميّة أبي طالب في الدعوة الإسلاميّة وانتشارها، فقد انهدّ ركن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) بموت أبي طالب(عليه السلام)، وكذلك بموت سيّدتنا خديجة(عليها السلام). .................................... (1) بحار الأنوار: ج35، ص81.