رياض الزهراء العدد 166 لنرتقي سلم الكمال
(وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ)(القلم: 9)
قال الله تعالى: (فَلاَ تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ * وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ)/(القلم: 8-9). يدهنون: بمعنى يلينون، فالإدهان: المسايرة التي تؤدّي إلى التنازل عن الحقّ لمصلحة الباطل. في هذه الآيات الكريمة توجيه ربّاني حكيم ينهى عن الاستجابة للمداهنات، والخضوع للإغراءات والانقياد للمساومات ما دام المرء على حقّ. هؤلاء الكفّار يداهنون النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ليميل عن بعض ما أمره الله به، فيتنازلون عن بعض قناعاتهم، فهم ليس لديهم ارتباط إلهيّ دينيّ، وليس عندهم تشريعات، وإنّما أشياء ابتدعوها وأصناماً صنعوها بأيديهم. والله(سبحانه تعالى) يريد منّا ألّا نرخص لأنفسنا في ديننا، فنلغي بعض التشريعات لهوى في النفس أو لإرضاء الآخرين، فالحلال والحرام ليسا ثياباً لنوسعهما بأيدينا كيفما نشاء. وقد رُوي عن أمير المؤمنين عليّ(عليه السلام) أنّه قال: "شرّ إخوانكَ مَن داهنكَ في نفسكَ وساتركَ عيبكَ"(1). ويا للأسف نرى اليوم كثيراً من الأمور قد داهن فيها المسلمون، سواء سياسيّاً أو اقتصاديّاً أو اجتماعيّاً أو أخلاقيّاً، وعلى سبيل المثال بعض النساء الملتزمات عقائديّاً عندما تُدعى إلى حفلة عرس فيه محرّمات كالغناء و.. فإنّها تحضر بدون تردّد، وحجّتها إذا لم تحضر يقع الخصام وتنقطع العلاقة بينهم. لكن الإنسان المبدئي لا يُداهن أحداً، ولا يمكن أن يكون متذبذباً في آرائه ومواقفه، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بالقضايا العقائديّة والأخلاقيّة وما شابه، وخطورة هذا الخلق بأنّه يتعارض مع أهمّ المبادئ الدينيّة، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعليه فعواقبه وآثاره سيّئة ليس على المداهن فقط، بل على المجتمع بأسره. وجاء في رواية عن الإمام الباقر(عليه السلام): "أوحى الله تعالى إلى شعيب النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم): إنّي معذّب من قومكَ مائة ألف: أربعين ألفاً من شِرارهم وستين ألفاً من خيارهم، فقال: يا ربّ هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ فأوحى الله عزّ وجلّ إليه: داهنوا أهل المعاصي فلم يغضبوا لغضبي"(2). يُفترض بالمؤمن الساعي إلى الكمال أن يدقّق فيما يفعله، ولا يداهن فيرخّص لنفسه ما حرّمه الله تعالى، وإلّا بعد مدّة سيصبح بلا دين ولا قِيم. ......................................... 1و2- ميزان الحكمة: ج2، ص932. الأسئلة: س1/ رُوي عن أمير المؤمنين عليّ(عليه السلام) أنّه قال: "لا ترخّصوا لأنفسكم فتدهنوا ولا....."، أكملي الحديث الشريف. س2/ ما الفرق بين المداهنة والمداراة؟ أجوبة موضوع: "جُرّوا إلينا كلّ مودّة" قال تعالى: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى..)/(الشورى: 3).