رياض الزهراء العدد 166 لحياة أفضل
كَيفَ تكتسِبُ شَخصِيّةً قَويّةً مَبنِيَّةً على الثِّقَةِ بالنّفسِ؟
يختلف مفهوم الشخصيّة لدى العامّة من الناس عن المفهوم العلميّ لدى العلماء والمختصّين، إذ تعوّدنا اجتماعياً في الحياة اليوميّة عندما تدور الأحاديث عن الشخصيّة، فيقال إنّ فلاناً لديه شخصيّة وإنّ فلاناً ليس لديه شخصيّة بينما فلان له شخصيّة قويّة أو شخصيّة ضعيفة، وإنّ ما يسمّى بالشخصيّة هو كلّ ما يتّصف به الفرد من سلوك وصفات ناتجين عن طريق تفاعل الفرد مع البيئة التي يعيش فيها. إنّ كلمة الشخصيّة في اللغة الإنكليزيّة (Personality)، وهي مشتقّة من الكلمة اللاتينيّة (Persona)، وهي تعني القناع الذي كان يلبسه الممثّلون في العصور القديمة عندما كانوا يقومون بتمثيل دور معيّن لمسايرة الحياة الطبيعيّة، فهو إمّا أن يظهر بملامح حادّة تجسّد البطولة، أو بملامح شرّيرة قد تجسّد الشرّ. وهناك تعاريف عديدة ومتنوّعة للشخصيّة قدّمها علماء النفس، وأنّ كثرة هذه التعاريف تعود إلى تعدّد الاتجاهات العلميّة لعلماء النفس، فكلّ عالم منهم يعرّفها بالاستناد إلى نظريّته، ومنها تعريف موسوعة علم النفس: "إنّها التنظيم المتكامل الديناميّ للصفات الجسديّة والعقليّة والخلقيّة والمزاجيّة والاجتماعيّة للفرد كما تبيّن للآخرين خلال عمليّة الأخذ والعطاء في الحياة الاجتماعيّة، وتضمّ الشخصيّة الدوافع الموروثة والمكتسبة، والعادات والاهتمامات والعاطفة والآراء والمعتقدات"(1). إنّ شخصيّات الأفراد على أنواع، منها: الشخصيّة الاجتماعيّة التي تتمتّع بالصفات التي تجعلها مفضّلة ومرغوبة من قِبل الآخرين، والشخصيّة الجذّابة التي تتميّز بالعديد من الصفات الجيدة كالثقة بالنفس، وإنّها شخصيّة مرحة وإيجابيّة في التعامل مع الآخرين، أمّا الشخصيّة الحسّاسة فيتميّز صاحبها بأنّه يبالغ في مشاعره حينما يتعامل مع المواقف والآخرين، والشخصيّة العصبيّة صاحبها قد يتمالك نفسه في بعض المواقف، لكنّه قد لا يتمالك نفسه مواقف أخرى، وهناك صاحب الشخصيّة المنطوية التي تفضّل العزلة عن الآخرين... والخ. أمّا الشخصيّة القويّة المبنيّة على الثقة بالنفس فتمتاز بالصدق في جميع أمور الحياة، والموضوعيّة والواقعيّة، في حين أنّ الشخص الذي يفتقر في أحاديثه وسلوكيّاته إلى المنطق والواقعية، وليس له القدرة على التعبير والإفصاح عمّا يريده بلغة سليمة، وعدم القدرة على إقناع الأشخاص والتأثير فيهم، والتخلّص من الخوف والاعتراف بالأخطاء عند وقوعها فيكون شخصاً غير مرغوب به من قِبل الآخرين. ولكي يتمتّع الفرد بشخصيّة قويّة مبنيّة على الثقة بالنفس هناك مجموعة من التمارين المقترحة ليقوم بها، وهي: وقوفه بطريقة صحيحة، إذ إنّ الشخص الواثق من نفسه يقف وقفة صحيحة متوازنة، والتكلّم ببطء وبشكل مفهوم للآخرين، وبكلام يستحقّ أن يُستمع إليه، والتبسّم الدائم، فالابتسامة تحسّن المزاج وتمنح الفرد شعوراً بالثقة بالنفس، وتقديم المساعدة للآخرين وممارسة التمارين الرياضيّة، وتدليل النفس ومنحها استراحة بعد القيام بأيّ جهد. وأخيراً إنّ الله(سبحانه وتعالى) خلق الإنسان في أحسن تقويم ووضع لكلّ شيء في حياته قوانين وأسس خاصّة عليه اتّباعها ليحيا حياةً سعيدةً هانئةً. ....................................... 1- الشخصيّة المتقلبّة وعلاقتها بالتوافق النفسيّ لدى العاملين في مؤسسات الدولة، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب، جامعة بغداد، عدنان حمزة النداويّ (2006م).