رياض الزهراء العدد 166 لحياة أفضل
مُصطَلحاتٌ كُتِبَ لها التَّوتُرُ المُستمِرُّ
إنّ للمصطلح في أحيان كثيرة قدرة على تغيير الفكر والوعي، ولذلك من أجل تغذية الصراعات الداخليّة لتحقيق إيديولوجيّات معيّنة أصبح هناك مصطلحات خاصّة، أو مصطلحات تتعلّق بقضايا خاصّة، فتكون أداة يقذف بها الإعلام والاتفاقيّات الدوليّة، فبعض هذه المصلحات لم يُكتب لها الاستقرار، وظلّت إلى اليوم تعاني من التوتّر المستمرّ.. وبما أنّ العديد من المصطلحات النسويّة تتخطّى اللفظ لتعكس فلسفات كبرى متعلّقة بالمرأة، فإنّ هذا ما يؤكّد بأنّ المصطلحات المتعلّقة بالمرأة من أهمّ ميادين الصراعات الفكريّة والثقافيّة؛ لذلك قد تعلن بدلالة إيديولوجيّة للهيمنة على حالة ثقافيّة، أو تُستخدم كأداة للضغط.. وإذا عدنا إلى مصطلح (النسويّ أو النسويّة) نجد أنّه لا ينحصر في ضمن الجانب اللغويّ، بل يتجاوز ذلك ويتعدّى إلى المفاهيم التي يحملها هذا المصطلح تاريخيّاً وفكريّاً، وظهر بشكل أوسع خصوصًا في العالم العربيّ نتيجةَ التغيّرات الاجتماعيّة المتسارعة التي تدفعها وسائل الإعلام المتعدّدة.. فنشأت العديد من الحركات النسويّة في داخل المجتمع روّج لها الإعلام.. ومن الضروريّ التأكيد على أنّ ما يسمّى بالنسويّة من القضايا لابدّ من أن تنال حقّها من النقد الثقافيّ لما تولّده من صراع ثقافيّ تتحدّد به الخريطة الفكريّة للمجتمع.. وأساس هذا الصراع الثقافيّ المتأزّم والمشحون بالدلالات المتعدّدة يعود إلى أنّ تفكير البعض يكون داخل الثقافة الغربيّة وأدواتها، وتزداد الصراعات تعقيدًا في المصطلحات ذات البعد الدينيّ، فمثلًا في مصطلحيْ (الحجاب) و(القوامة).. ينطلق الفكر الغربيّ من أجل تفسيرهما من منطلقه الفلسفيّ في تفسير الدين تفسيرًا اجتماعيًا، وهذه النظرة بدأت تتسرّب إلى المجتمعات الإسلاميّة العربيّة وغيرها، ففي الفكر الغربيّ يُنظر إلى هذه المصطلحات بمنظار علم الاجتماع فقط، غير أنّ لها جانبها التشريعيّ لدى المسلمين الذين يعدّونها أمرًا إلهيًّا خارج إطار المادّة.. إذاً تكمن خطورة المصطلحات المتعلّقة بقضايا المرأة ذات الهويّة الغربيّة -الفكريّة أو الثقافيّة- في قابليّتها للشحن بقيمة دلاليّة معيّنة لأيّ غرض إيديولوجيّ، فنلاحظ استخدام هذه المصطلحات من أجل تغيير البنية الاجتماعيّة لمجتمع ما من دون مراعاة لكثير من الأبعاد الدينيّة والاجتماعية لذلك المجتمع، وكلّ دلالة تُشحن بها هذه المصطلحات يُراد منها الوصول إلى تحقيق غايات معيّنة سواء على المستوى الشخصيّ -ذي الدائرة الضيّقة- أو على دائرة أوسع من أجل تغيير منظومة فكريّة لمجتمع ما، ووضع منظومة جديدة تصارع المنظومة التي نشأ عليها المجتمع.