رياض الزهراء العدد 166 الحشد المقدس
بِسمِ اللهِ خَيرِ الأَسمَاءِ..
بعدما أراد مُقاتل بدء رحلته، أخذ عدّته، لم يخبرنا ما تلك العدّة، كان يَملكُ قارباً صغيراً، لكنّه قوي إلى درجة من الممكن أن يعبر به محيطاً هائجاً، رفع شراعه المكتوب عليه شِعار: (الله اكبر من همّي وحزني)، موجّهاً دَفّة القارب إلى الأمام، كي يغيّر جزيرة نفسه العتيقة، جزيرة أتعبته أرضها، لا يكبر زرعها ولا تنضج ثمارها، بل يعاني من حرثها ويهتمّ بها، وعندما يأتي وقت الحصاد، تُخرج له أشواكاً!! لم يرضَ مقاتل أن يبقى على وضعه المُنكسر الضعيف، لذلك قرّر أن يحاول، أن يرتقي ويجبر كسره بنفسه وهو واقف أمام ذاك المُحيط الجميل الأزرق، بانت لمعة عينيه ببريق التفاؤل، شدّ على جبهته خيطاً أسودَ كُتِب عليه: (يا صاحب الزمان)، حاملاً أثقاله على ظهره، مقرّراً أن يمضي، فإمّا الإقبال على المحاولة للسموّ وتغيير الحال، وإمّا البقاء على حالة الضعف والهوان والذلّة تلك، خطا مقاتل واضعاً قدمه اليمنى في ذلك القارب، قائلاً: بِسم الله توكّلتُ على الله... كان قد أخذ معه قليلاً من الماء، وقليلاً من الطعام؛ ليسدّ بهما حاجته، لم يكن يعلم ما سيحصل معه في ذلك الطريق الغامض، لكنّه كان يَملك حسن الظنّ بخالقه، وكان متيقّناً بأنّ ربّه الأعلى لن يتركه يخوض سفره وحيداً بلا رفيق يخفّف عنه وحشته، ويؤنس وحدته، ويُداري حزنه، لذلك في تلك الرحلة قال: يا رفيق مَن لا رفيق له.. كان يتنفّس.. شهيقاً وزفيراً، يقوم ويقعد، لقد كان متوتّراً، لكنّه يعرف ويفهم أن لابدّ له من السفر، استقرّ على رأيه، وبدأ بتشغيل محرّك القارب بذكر: لاحولَ ولا قوّةَ إلّا باللهِ العليِّ العظيمِ..