رياض الزهراء العدد 166 منكم وإليكم
(وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)(1)
جميعنا اختبر العطش بطريقة أو بأخرى، في حين أنّ هناك عطشاً من نوع آخر، يشبه شعور الهائم على وجهه في الصحراء، وما إن يفتح عينيه جيّداً، حتى يرى غديراً يروي عطشه ريّاً هنيئاً سائغاً لمـَن في قلبه حبّ أهل البيت (عليهم السلام)، الذين سطّروا بحروف من نور تضحياتهم في سبيل رضا الله عزّ وجلّ، ونصرةً للرسالة الإسلاميّة، وليس هذا بغريب، فأهل بيت العصمة(عليهم السلام) كبيرهم لا يُقاس، وصغيرهم جمرة لا تُداس، وصدى كرامتهم ملأ الأركان، وقال الله تعالى فيهم: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)/(الأحزاب: 33). فحلّت أنوار الإمام الجواد(عليه السلام) المباركة في العاشر من رجب، فأضفى قدومه على الوجود حبوراً، وعلى الزمان تألّقاً وسروراً، إذ عاش الشيعة قبل ولادته القلق والاضطراب، ينتظرون الإمام الذي سيكون خلفاً للإمام الرضا (عليه السلام)، يطمئنهم ويبشّرهم، وأنّه سيتحمّل أعباء الإمامة بعده، فنهض الإمام الجواد(عليه السلام) بأعباء الإمامة بعد والده الرضا (عليه السلام) وهو بعمر التسع سنين، ارتشف العُلا رسماً ووصفاً، وحاز من الفضل والعلم ما حيّر الألباب، ولم تستوعبه العقول، وكان اتّصاله بالشيعة عن طريق وكلائه الذين عيّنهم في مختلف البلدان الإسلاميّة. لم ترَ الدنيا ولم يشهد الكون له نظيراً إلّا آباءه الكرام، وأولاده من بعده، فزاد ذلك من محبّة الصديق، وحقد الأعداء وغضبهم، فالسلام على الجواد (عليه السلام) حتى يوم المعاد ورحمة الله وبركاته. ............................. (1) سورة مريم: 12.