رياض الزهراء العدد 166 منكم وإليكم
الإِمَامُ البَاقِرُ(عليه السلام).. مَدرسَةٌ مُتكَامِلَةٌ في الرِّيَادةِ وَالقِيَادةِ
منظومة علم متكاملة، وفضاء من الإحسان والتواضع.. وبحر من الأخلاق والإيمان الذي ما أن يرويَ المرء ظمأه من عذوبة سيرته الجليّة.. ويخوض في غمرات لُبّ كَرَم أئمة الآل(عليهم السلام) وزهدهم عامّة والإمام الباقر(عليه السلام) خاصّة، سيجد حتمًا أنّه ارتوى بما يكفيه من زاد التقوى والورع. انبعثت أنوار العلم مُجدّدًا بقدومه، وأصلح في أمّة أجداده ما كانت عليه من انحرافاتٍ قد ساد وباؤها في أرجائهم بفِعَال يد الطُغاة الذين اشتعلت غلّة الحقد فيهم على آل بيت النبوّة(عليه السلام)، فكان خليفة أبيه عليّ بن الحُسين(عليه السلام) في العلم والأخلاق السمحة، وخامس أئمة الآل، ومصباح من مصابيح الهدى، فإمامتهُ وكياسته لائقتان به أن يُهيّئ ساحة السؤدد في رفع مكانة الإسلام والعلم، فأصبح حقًّا باقر العلم، وتوأم التواضع، وحليف الزهد.. وبيُمن قدومه المُبارك صُنعت مدرسة شعّت بألوان الكرم والفضيلة، وفاضت من ينبوعها ريادة وقيادة ربّانية، حافظت على أهداف الثقلين العظيمة التي جعلت من جوهرها الأساس، وقاموسها المتين حماية الإسلام من كمائن الانحرافات الأمويّة. حاول بنو أميّة تشييد دولتهم التي بنوها بدماء شهداء عاشوراء، لكن تلك الدماء مهّدت لسقوط دولتهم بدلًا من مكوثها، ظانّين أنّ نهج الثقلين مُجرّد عنوان يُستسهل قراءته، وطريق لا عابر له، حتى جاء الإمام الباقر(عليه السلام)؛ ليُشيّد مدرسةً يتخرّج منها الآلاف ممّن ملأت كيانهم ثقافة آل بيت النبوّة، ويرتقوا سُلَّم إحياء سؤدد الإسلام الصحيح، مع بزوغ فجر جديد لم تشهد أيّ حقبة علمٍ قطّ مثيلها! لا غرو إن ضربنا آلاف الأمثال في أولئك الميامين الذين لهم الفضل في توجيه مسار هدف وجودنا في الدنيا التي خُلِقنا فيها لغاية أسمى، وهو اتباع خطّ الثقلين اللذينِ أوصى نبيّنا الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) أن نسير وفق ما تضمّنته تلك الأهداف، ومهما أحصينا سماتهم في مُجلّدات الكتب، فإنّ الشحّة تعصف بنا كلّما أردنا أن نفي بحقّهم، وما أحوجنا حقًّا إلى أن نتأثر بمآثرهم، ونغترف من سيرتهم العُظمى وسلوكهم، لكي نكون أمّة مهيّئة لإعادة سؤددها، ومُقاومة وباءات الظُلُمات و الضلال.