فَأنَارتْ مِنهُ السَّمَاء

فاطمة علي
عدد المشاهدات : 122

في التاسع عشر من جمادى الآخرة تمّ زواج عبد الله وآمنة بنت وهب والديّ أشرف خلق الله وسيّد البشر، إذ بهذا الزواج المبارك تمّت كلمة الله، واستقر النور النبوي الذي انبثق من نور الله (عز وجل) في الرحم الطاهر بعد أن كان في الأصلاب الشامخة، وعن ذلك النور حدّث أبو الحسن البكري في رواية طويلة: ولما تزوج عبد الله بآمنة أقامت معه زماناً والنور في وجهه لم يزل حتى نفذت مشيئة الله تعالى وقدرته وأراد أن يُخرج خيرة خلقه محمداً رسول الله، وأن يشرّف به الأرض وينوّرها بعد ظلامها، ويطهّرها بعد تنجيسها، أمر الله تعالى جبرائيل (عليه السلام) أن ينادي في جنة المأوى أن الله جلّ جلاله قد تمّت كلمته ومشيئته وأن الذي وعده من ظهور البشير النذير، السراج المنير الذي يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويدعو إلى الله، وهو صاحب الأمانة والصيانةِ، يظهر نوره في البلاد، ويكون رحمة على العباد، ومَن أحبه بشّر بالشرف والحباء، ومَن أبغضه بسوء القضاء، وهو الذي عُرض عليكم من قبل أن يُخلق آدم (عليه السلام) الذي يُسمّى في السماء أحمد، وفي الأرض محمداً، وفي الجنة أبا القاسم...، ولمّا كانت ليلة الجمعة عشية عرفة، وكان عبد الله قد خرج هو وإخوته وأبوه، فبينما هم سائرون وإذا بنهر عظيم فيه ماء زلال، ولم يكن قبل ذلك اليوم هناك ماء، فبقي عبد المطلب وأولاده متعجبين، فبينما عبد الله كذلك إذ نودي يا عبد الله اشرب من هذا النهر، فشرب منه، وإذا هو أبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأزكى من المسك، فنهض مسرعاً والتفت إلى إخوته، فلم يروا للنهر أثراً، فتعجبوا منه، ثم إن عبد الله مضى مسرعاً إلى منزله، فرأته آمنة مضطرباً، فقالت له: ما بالك؟ صرف الله عنك الطوارق، فقال لها: قومي فتطهري وتطيبّي وتعطري فعسى الله أن يستودعك هذا النور، فقامت وفعلت ما أمرها، ثم جاءت إليه فغشيها تلك الليلة المباركة، فحملت برسول الله (صلى الله عليه وآله)، فانتقل النور من وجه عبد الله في ساعته إلى آمنة بنت وهب، قالت آمنة: لمّا دنا مني ولا مسني أضاء منه نور ساطع، وضياء لامع، فأنارت منه السماء والأرض، فأدهشني ما رأيت، وكانت آمنة بعد ذلك يرى النور في وجهها كأنه المرآة المضيئة". ............................... بحار الأنوار: ج15، ص103.