رياض الزهراء العدد 167 شمس خلف السحاب
مِفتَاحُ الأُلفَةِ فِي دُعَاءِ النُّدبَة
يُعدّ دعاء الندبة من الأدعية النورانيّة الشاملة التي تُزوّد مَن يتأمّله بكلّ ما يُغذّي فكره وقلبه معرفيّاً ووجدانيّاً، ويَجعله يَعيش ويَتعايش مع فكرة حضور الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) فيه، وإن كان غائباً عنه، إذ نقرأ فيه:(أَيْنَ مُؤَلِّفُ شَمْلِ الصَّلاحِ وَالرِّضَا)(١)، فهذه من الفقرات المعرفيّة الحياتيّة التي تُعطينا مفتاحاً لفتح باب مَعرِفة مَلامح العلاقات المراد مِنّا بِناؤها بوصفنا أفراداً نترقّب تَحَقّق عصر الظهور، وذلك عَبر الجَمع بين ركيزتي: (الصلاح والرضا) لبلوغ الألفة؛ فهي لم تَرِدْ لتصف لنا عصر الظهور فقط، وليست دعوات نردّدها! بل هي تَدعونا لنكون مصداقاً لها، فنكون جزءاً من ذلك المُجتمع قبل وبعد الظهور. فالعلاقات القائمة على ركيزة الصلاح فقط هي أشبه ما تكون بالأرض الخصبة، فهي صالحة للإنتاج لكنّها متروكة! ولكن متى ما سُقيت بركيزة الرضا فإنّها ستُثمر، أي قد لا تكون العلاقة بالغير سَقيمة، لكن عندما تخلو من التواصل الحقيقيّ النابع من الرضا الداخليّ عن المقابل، لا تتحقّق بها الألفة المطلوبة؛ فالجمع بينهما هو ما يُنتج علاقةً صادقةً، متجذّرةً بين الطرفين، لذا فالمرأة المنتظرة عليها من الآن أن تجتهد لتكون من أهل الصلاح والرضا في علاقاتها الاجتماعيّة، وذلك عملاً بكلمة إمامها (عجّل الله تعالى فرجه الشريف): "لو أنّ أشياعَنا -وفَّقهم الله لطاعته- على اجتماعٍ من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم، لما تأخّر عنهم اليُمنُ بلقائِنا"(٢). ................................... (١) مفاتيح الجنان: ص٥٩١. (٢) الاحتجاج: ج٢، ص٤٩٩.