العَبدُ الفَقِيرُ يَومَ القِيَامَةِ

الشيخ حبيب الكاظمي
عدد المشاهدات : 249

مضمون السؤال: أنا طالبة في المدرسة ونتيجةً لأوضاع (كورونا) كثر نومي الذي أعدّه اليوم من الأمور المحبّبة إلى نفسي، علمًا أنّني أعرف جيّدًا قيمة الوقت، فما الحلّ برأيكم؟ مضمون الردّ: ما دمتِ تسألين عن الوقت، وهدر العمر الذي ابتُلِي به الكثيرون، فإنّني أفضّل أن أقدّم لكم ملاحظاتي في نقاط محدّدة، نظرًا لأهميّة الأمر، فأقول مستعيناً بالله (سبحانه وتعالى): أوّلًا: لا بدّ من وقفة متأمّلة مع النفس في هذا المجال، ونُقنع أنفسنا بأنّ السعادة الأبديّة تتحدّد بساعات العمر القصيرة، ومن المعلوم أنّ اللانهاية عندما تقسّم على المحدود، فإنّ النتيجة هي اللانهاية أيضًا، ومعنى ذلك أنّ كلّ مرحلة من مراحل العمر- ولو على مستوى الثانية - فإنّها توازيها سعادة لا نهائيّة، أو شقاوة كذلك، أَوَ ليس الأمر مخيفًا بعد هذه المعادلة؟ ثانيًا: ضرورة برمجة الحياة في ضمن خطط مرسومة في نهاياتها وبداياتها، فإنّ الذي ليست له خارطة لعمليّة البناء الذاتيّ، فإنّه لا يقوم له بناء أبدًا، إذ إنّ جمع الموادّ الأوليّة على ساحة بناء من دون وجود خارطة ومقاول ومشرف، لهو أمر عقيم!.. والغريب أنّ الناس يبرمجون حياتهم الماديّة أيّما برمجة، ولكن عندما يصل الأمر إلى شؤون النفس، فإنّهم يلقون الحبل على الغارب. ثالثًا: إنّ النوم مطلوب بوصفه وسيلةً لتجديد النشاط اليوميّ، لا بوصفه هدفاً يضعه الإنسان في قائمة الموضوعات المستساغة لديه، بل إنّ بعضهم يرى النوم هو الموت الأصغر، وعليه فإنّ هذه الساعات التي ينام فيها العبد هي ساعات باطلة في حدّ نفسها إن لم تكن مقدّمة للاستجمام، والذي يكون بدوره مقدّمة لاستئناف نشاط جديد.. رابعًا: هنالك أمور تشحذ الهمّة وتقوّي العزيمة، ومنها : الالتزام بالنوافل -بخاصّة عند نفور الطبع- وقيام الليل، والصيام، والإنفاق الماليّ، وكظم الغيظ، وإلّا فإنّ ابتلاء الإنسان بحالة من الاسترخاء، والتثاقل إلى الأرض، هو من موجبات حركة النفس نحو موجبات الهوى التي توافق المزاج غالبًا، وبذلك تنشأ ثغرة من الثغرات التي ينفذ عن طريقها إبليس .. خامسًا: إنّ معاشرة ذوي الهِمَم العالية هو من موجبات رفع الهِمَم، وإلّا فإنّ العيش مع البطّالين يجرّ الإنسان إلى عوالمهم، والغريب أنّ سرعة انتقال الخصال السيّئة بالمعاشرة لا تقاس بانتقال الخصال الحسنة، فإنّ طبيعة النفس الميل إلى اللعب واللهو، مع سمة الغفلة والسهو.. سادسًا: لا بدّ من الالتفات إلى أنّ من موجبات بعث الجديّة في الحياة هو التفكير في الأجور التي لا تخطر على البال، وعلى رأسها الرضوان الإلهيّ الذي يمكن الوصول إليه في الدنيا قبل الآخرة، ولا شكّ في أنّ التفكير في مثل هذه العطاءات ممّا يزيل حالة الكسل والوَهَن، ومن هنا ينبغي التأمّل في هذا النصّ المبارك المنقول عن إمامنا الصادق (عليه السلام)حيث يقول: "إنْ كانَ الثوابُ مِن الله فالكسلُ لماذا؟!"(1) .................................. (1) ميزان الحكمة: ج ٣، ص ٢٧٠٤.