(ن وَالقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ)(1)

إيمان صالح الطيّف
عدد المشاهدات : 908

لا يكون القسم إلّا بأمر عظيم وذي قيمة وشأن، وفي هذه الآية الكريمة أقسم الله تعالى بـ(القلم) وهو الوسيلة، وبـ(ما يسطرون) من الكتابة وهو الحصاد؛ كناية عن العلم النافع حيث لا إنسانيّة ولا حياة إلّا به. القلم هو الحافظ للأسرار والخازن للعلوم، وهو القناة الرابطة بين الحاضر والماضي، والحاضر والمستقبل، بل حتى ارتباط الأرض بالسماء حصل عن طريق اللوح والقلم أيضاً. إنّ كتابة العلم من الأمور المحبّذة عند الشارع، بل حثّ عليها وأوصى بها، ففي رواية عن رسول الله (صل الله عليه وآله) أنّه قال: "قيّدوا العلم. قيل: وما تقييده؟ قال: كتابته"(2) قال الله تعالى: (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) (العلق 3، 4)، القلم من أعظم النعَم الإلهيّة التي هدى الله إليها الإنسان؛ لأنّ الكتابة مهمّة جليل أثرها، عظيم قدرها، فهي قناة لا يُستهان بها في توجيه الرأي العام، وهي سلاح ذو حدّين، فالقلم الصادق ينشر الحقّ ويُحيي السنّة، ويدلّ الناس على ما فيه الخير لدينهم ولدنياهم، أمّا الأقلام المأجورة والمضلّة فأنّها تعدّ بلاءً عظيماً، وخطراً كبيراً على المجتمعات الإنسانيّة. واليوم نسمع من هنا وهناك تخوّفاً على مصير القلم من الزوال نتيجةَ التطوّر التقنيّ الذي بدأ يطرح بدائل عن القلم، لكن ليطمئنّ الجميع، فلو كانت هناك وسيلة أفضل من الكتابة بالقلم بقاءً وتأثيراً لنزل بها القرآن الكريم. مثلما شجّع أهل البيت (عليهم السلام) على الكتابة، ففي رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) قائلاً للمفضّل بن عمر: "اُكتُب وبُثّ علمكَ في إخوانكَ فإن مُتَّ فأورث كُتُبكَ بنيكَ، فإنّهُ يأتي على النّاس زمان هرج لا يأنسُون إلّا بكُتُبهم" (3) إنّ ثواب الكتابة زاد على ثواب العلم في بعض الموارد بسبب كثرة الانتفاع به ودوامه، ففي رواية عن رسول الله (صل الله عليه وآله) أنّه قال: "إنّ المؤمن إذا مات وترك ورقةً واحدةً عليها علم كانت الورقة سترًا فيما بينه وبين النار، وأعطاه الله تعالى بكلّ حرف مدينة أوسع من الدنيا وما فيها"(4) وفي رواية أخرى عنه (صل الله عليه وآله): "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي كِتَاب لَمْ تَزَلِ الْمَلاَئِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَادَامَ اسْمِي فِي ذلِكَ الْكِتَابِ"(5) ومن هنا جاء تفضيل مداد العلماء على دماء الشهداء، إذ إنّ مدادهم ينفع بعد موتهم، وفي رواية عن رسول الله (صل الله عليه وآله) أنّه قال: "ثلاثة تخرق الحُجُب، وتنتهي إلى ما بين يدي الله: صرير أقلام العلماء، ووطء أقدام المجاهدين، وصوت مغازل المحصنات"(6) فمَن أرادت من النساء الترقّي في سلّم الكمال، ولديها الرغبة في الكتابة فها هنا مجلّتكم مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) فَتحتْ ذراعيها لتحتضنَ كتاباتكم، وزكاة العلم نشره. ...................... (1) (القلم:1) (2) (3) (4) (5) (6) منية المريد: ص190-195. (5) تفسير الأمثل: ج18، ص331. الأسئلة: س:1 اختاري الإجابة الصحيحة: (أ‌) مَن أول مَن خطّ بالقلم؟ 1- النبيّ إدريس (عليه السلام). 2- النبيّ موسى (عليه السلام). (ب‌) مَن القائل: "لا يضرّني أن ليس على رأسي تاج ما دام في يدي قلم". 1- فولتير. 2- وليم شكسبير. أجوبة موضوع: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) (القلم:9) ج1: تكملة الحديث الشريف: "ولا تدهنوا في الحقّ فتخسروا" ج2: الفرق بين المداهنة والمداراة: المداهنة: هي ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أجل الدنيا. المداراة: هي درء المفسدة والشرّ بالقول الليّن، أو الإعراض عن صاحب الشرّ.