رياض الزهراء العدد 167 نافذة على المجتمع
تَهذِيبٌ يُوَاكِبُ الحَدَاثَةَ.. وَسَائِلُ التَّوَاصُلِ مِثَالًا
مع التقدّم التكنولوجيّ الذي يشهده العالم اليوم كان للقفزة التي طرأت على مواقع التواصل الاجتماعيّ الأثر الكبير في المجتمع، وبكلّ تأكيد سيكون لهذا الأثر إيجابيّات وسلبيّات بحسب الاستخدام والتأثير والتأثّر، ولكن لُوحظ في الآونة الأخيرة تأثّرٌ واضحٌ بمواقع التواصل الاجتماعيّ، وبخاصّة حين الإغلاق التامّ للمؤسّسات الذي رافق جائحة كورونا، إذ انفرد الناس بهواتفهم النقّالة وباتوا يقضون أغلب أوقاتهم في تصفّح تلك المواقع بشكل مفرط، وبحسب موقع (فيجوال كابيتاليست) أصبحت مواقع التواصل الاجتماعيّ جزءاً أساسيّاً من الحياة اليوميّة، إذ يبلغ عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعيّ 3.8 مليار مستخدم في العالم، بما يمثّل نحو 50% من سكّان العالم، ومن المتوقّع أن يزداد عدد مستخدمي الإنترنت بمعدّل مليار مستخدم إضافيّ في السنوات المقبلة، ممّا يعني زيادة عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعيّ أيضاً. ولأنّ عملهم هو الإرشاد والمتابعة والتوجيه والسعي خلف الطلبة لنصحهم، كان قسم الإرشاد النفسيّ والتوجيه التربويّ/ جامعة الكفيل في النجف الأشرف محيطاً بأبنائه في كلّ الظروف للتواصل معهم، وتوجيههم وإرشادهم بشكل مباشر أو غير مباشر، وكان من بين ملفّات برامجهم الإرشاديّة ملف تحت عنوان: (تهذيب مواقع التواصل الاجتماعيّ)، ولنتعرّف عن كثب على هذا النشاط التقت رياض الزهراء(عليها السلام) بجمع من القائمين عليه، وفي مقدّمتهم سماحة الشيخ الدكتور حسام عليّ حسن العبيديّ/ مدير قسم الإرشاد النفسيّ والتوجيه التربويّ الذي تحدّث إلينا عن هذا النشاط الإرشاديّ مشكوراً: تبنّى قسم الإرشاد العديد من البرامج والملفّات التربويّة التي وُضعت من قِبل لجنة رسم السياسات التربويّة الاستراتيجيّة في العتبة العباسيّة المقدّسة التي يترأّسها سماحة السيّد ليث الموسويّ (دامت توفيقاته)، وقد تبنّت الجهات التعليميّة والتربويّة التابعة للعتبة العباسيّة المقدّسة كثيراً من البرامج التربويّة، ومن ضمنها هذا المشروع الذي يهدف إلى تهذيب مواقع التواصل الاجتماعيّ وبخاصّة (الفيس بوك)، إذ من المؤكّد أنّ أغلب الطلبة لديهم صفحات إلكترونيّة على هذا البرنامج، وبعد البحث وجدنا الثقافة السائدة على هذه الصفحة التابعة لبعضهم عبارة عن منشورات فارغة من المحتوى الهادف، بل هي مجرّد تقليد أعمى، ونشر باللغة الهجينة بين الطلاب، فتخوّفنا من تحوّل منصّة الفيس بوك إلى أداة لنشر الثقافات المستهجنة بين الطلاب والمجتمع. وبعد أن أوُكِل إلينا هذا الملفّ المهمّ الذي يحتاج إلى دراسة وجهود لتنفيذه، ولإدراكنا أنّ مواقع التواصل تحتاج إلى تهذيب من حيث الألفاظ والموضوعات، فما إن أُنِيط العمل بنا حتّى قمنا بدراسة حيثيّاته مع الإخوة المرشدين وتبادلنا الآراء، فكلّ مرشد عمل على ملفّ كليّته، وتمّ إنشاء صفحة إرشاديّة على الفيس بوك، وكان العمل على قناة على التيليجرام أيضاً. وأضاف العبيديّ: أنشأ الأساتذة المرشدون صفحات خاصّة بكلّ كليّة مراعين التنوّع في كلّ صفحة عن غيرها، وكان الهدف من إنشاء صفحة واحدة هو السيطرة أكثر، بحيث يستطيع المرشد أن يتواصل مع الطلبة المنتمين إلى الصفحة، والتواصل مع كلّ طالب ومراعاة حاجته إلى الإرشاد وبشكل فرديّ، وتدخّل مباشر، واليوم أصبحت مواقع التواصل انعكاساً لشخصيّة الفرد؛ لذا فالصفحة الصغيرة المنفردة تكون أكثر إلماماً بمشاكل الفرد، ويستطيع المرشد أن يتواصل مع الطلبة المنتمين إلى صفحته، ومع كلّ طالب على حدة إذا احتاج إلى تدخّل مباشر، وبوصفنا جهة إرشاديّة أخذنا على عاتقنا التأثير في الشباب بشكل إيجابيّ ينمّي لديهم اللغة السليمة والفكر المضيء. وأردفت الدكتورة إيناس جاسم محمّد/ معاونة مدير قسم الإرشاد النفسيّ وتدريسيّة في قسم الشريعة قائلةً: بحسب ملاحظتنا للواقع اليوم وكيفيّة تصفّح مواقع التواصل وكيف أصبح الطلاب يقضون أغلب أوقاتهم عليها، كان لا بدّ من الالتفات لهذا الموضوع، وعلى الأقلّ استثمار هذه الأوقات التي يقضونها على هذه البرامج، وأصبح لكلّ فرع إرشاديّ صفحة خاصّة به: - الفرع الإرشاديّ لكليّة طبّ الأسنان. - الفرع الإرشاديّ لكليّة الهندسة التقنيّة. - الفرع الإرشاديّ لكليّة الصيدلة. - الفرع الإرشاديّ لكليّة التقنيّات الطبيّة والصحيّة. - الفرع الإرشاديّ لكليّة القانون. فضلاً عن الأقسام الآتية: الشريعة، والإعلام، والسياحة الدينيّة، فكلّ صفحة موكلة إلى مرشد ومرشدة يديرانها. فيما بيّن الدكتور أمجد رسول محمّد/ مرشد كلّ من كليّة القانون وقسم السياحة الدينيّة عن هذا المشروع وإدارتهم إيّاه بوصفهم مرشدين قائلاً : مرحلة كورونا والحظر والإجراءات الوقائيّة حتّمت علينا أن نسلك سبيل الإرشاد عن بُعد؛ لذا عملنا عدّة محاور مع الطلبة، منها ملفّ تهذيب مواقع التواصل الاجتماعيّ الذي يحمل بين طيّاته كثيراً من الخصائص، فكانت منشوراته مدروسة ومقسّمة على ثلاثة أقسام: (تبليغات، إعلانات، نشاطات أو فعّاليات)، وعن طريق إحكام متابعتنا للطلاب فهناك تواصل مباشر مع ممثّلي الطلبة عبر الفيس بوك، وكذلك الدخول في مجموعات خاصّة بالطلبة، ففي هذه المدّة تكثّفت جهودنا واختُزِلت في ملفّ تهذيب مواقع التواصل الاجتماعيّ، وقمنا بتطعيم نشاطاتنا بالتوعية الصحيّة، وفقرات أخرى تبلورت بالوعظ والتربية الأخلاقيّة –تفعيل الأخلاق الحسنة- عن طريق قصّة أو حديث أو حكمة بصياغة قالب تنمية بشريّة، والتأكيد على الجانب المعرفيّ، وهناك فروع إرشاديّة طعّمت المنشورات بتفسير القرآن، أي ماذا يُقصد بهذه الآية أو معاني الكلمات، وأصبحت فقرةً من فقرات الملفّ الإلكترونيّ. وكان للطالبة زهراء عليّ/ مرحلة رابعة من طبّ الأسنان رأي في الصفحات والقنوات التي أُنشِئت من قِبل المرشدين، عبّرت عن ذلك بقولها: إنّي من المتابعين للصفحات الخاصّة بالكليّة، ومنتمية إلى قناة التيليجرام الخاصّة بكليتنا، وقد استفدتُ كثيراً من المعلومات المنشورة، وكلّ منها تحمل نكهة مختلفة، فبعضها يخصّ العقائد والسيرة والعبادات، وبعضها يجدّد التذكير بمناسبات الأئمّة (عليهم السلام)، وهناك أيضاً التنمية البشريّة، وهذا جميل جدّاً، وقد لمسنا تغييراً في مفاهيمنا، وزاد خزيننا المعرفيّ، والتفتنا إلى كثير من المعلومات التي كانت غائبةً عنّا، وممّا زاد حبّ المتابعة لدينا هو طريقة الطرح ونوع المعلومات، وانعكس ذلك على أعمالنا وتصرّفاتنا. مشروع مهمّ وُضَع بحسب دراسات ومعطيات من أرض الواقع، وعاد بالنفع على الفئة المستهدفة من قِبل الجامعة، وعلى الرغم من عمره القصير بَانَ وظهر تأثيره في الطلبة، فإنّ لمواقع التواصل الاجتماعيّ تأثيراً في الناس بمستويات مختلفة وَفقاً لظروفهم السابقة، وسِمات الشخصيّة لديهم، ومثلما هو الحال مع بقيّة مغريات العصر الحديث، فإنّ الاستعمال المفرط لوسائل التواصل الاجتماعيّ غير مفضّل، ولا يُنصح به، لكن في الوقت نفسه من الخطأ القول إنّ وسائل التواصل الاجتماعيّ سيّئة بشكل عامّ؛ لأنّه من الواضح أنّها قد تحقّق فوائد جمّة في حياتنا، لكنّها اليوم تحتاج إلى تهذيب، وهذا ما عملت عليه جامعة الكفيل.