حُلُمٌ وَردِيٌّ

حوراء زهير الشموس/ البصرة
عدد المشاهدات : 180

في كلّ مكان توجد أحلام... أمّا حلم تلك الفتاة البريئة، فهو أن ترى والدها الذي غاب عنها طويلاً، ولطالما انتظرت رجوعه على أحرّ من الجمر، وتتفقّد خزانته عشرات المرّات، موجّهة ذات السؤال إلى أمّها الحنونة: هل ملابس والدي مرتّبة في خزانته، أخشى أن يأتي فجأة... إذا جاء أبي -تسكت برهة- : أودّ أن يرى كلّ شيء في بيتنا جميلاً ومرتّباً... وأمام المرآة تنظر إلى هندامها، وتنظر في زاويا البيت لتطمئنّ أنّ كلّ شيء قد شملته الأناقة، وأحاطه الجمال، وتعيد الأمّ على مسامعها الجواب نفسه: لا تقلقي بنيّتي، كلّ شيء على ما يرام. تغمض عينيها على صورته علّها تراه في منامها، تلك القصص التي كان يرويها لها تسترجعها بدموع وآهات... تناجي الله تعالى كلّ حين: ربّاه أينَ أبي؟ يضيق صدرها وتبكي بحرقة، حينما تشاهد الآباء مع أولادهم يلعبون.. ما هي إلّا أيّام.... حتّى جاء خبر استشهاد والدها... وبخاطر مكسور، استقبلت النعش مرحّبة: أهلا أبتاه... وبعد بكاء ونحيب سألت أمّها: أمّاه ما معنى الشهيد؟ أجابتها بحسرة: هو ذلك المدافع الذي ضحّى بنفسه لحماية الأرض والعرض... ابتسمت بمرارة، ثم أمسكت يد والدتها بقوّة ودموعها تنهمر على خدّيها وهي تقول: أنا أفتخر بذلك الأب الشجاع... أفتخر بتلك الدماء التي سقطت دفاعاً عن الوطن، وحين يسألونني: ابنة مَن أنتِ؟ سأردّ بفخر واعتزاز وأقول: أنا ابنة ذلك البطل الغائب الذي ضحّى بنفسه ليحمي الأرض والعرض.