وِلَادَةُ زَبورِ آلِ مُحَمَّدٍ (صل الله عليه وآله)

انتصار عبد مناتي/ بغداد
عدد المشاهدات : 128

في ليلة شعبانيّة مُزهرة لاح كوكبٌ دريٌّ من الشجرة النبويّة، والدوحة الهاشميّة المضيئة في الوادي المقدّس طُوى، دنا فتدلّى، فكان قاب قَوسينِ أو أدنى من الحسين (عليه السلام)، احتضنه سيّد الموحّدين فسقاه البلاغة والفصاحة، وحبا إلى عمّه فألقمه الحِلم والكرم، وسعى مع أبيه فقلّده الصبر والشجاعة، فصار سيّد الساجدين، وجمال العابدين، وعُرِف بـ(ابن الخيرتيْنِ)، فهو ابن سيّد سادات العرب؛ بني هاشم، وابن ملكة نساء العجم والفرس، جعل الله تعالى في ذريّته الإمامة، واصطفاه مع البكّائين من الأنبياء، آدم ونوح ويعقوب ويوسف (عليهم السلام)، فخطّ بدموعه صحفاً ملكوتيّة، بأحرف نورانيّة دوّنها ولده باقر علوم الأولين والآخرين (عليه السلام)، ونشرها إمام الجعفريّة لتهذيب النفس البشريّة، وفتح أبواب الاتّصال بربّ الوجود، والتمسّك بالله تعالى رغم ظروف الأمّة العصيبة، فعُرِفت بزبور آل محمّد (صل الله عليه وآله)، فكانت ثورة دُعائيّة للتخلّص من الجمود والانحطاط في المزالق الشيطانيّة، فصارت من أهمّ الأرصدة الروحيّة والأخلاقيّة في الفكر الإسلاميّ، وأردَفَها برسالة الحقوق؛ ليعلّم الأمّة كيف تحفظ الحقوق، وكانت منهجه من قبل أن ينشرها بين العباد، وحرّر العبيد والإماء، بعد أن علّمهم حقوقهم وأدّبهم بأخلاق الإسلام، لينشروا علوم محمّد وآل محمّد(عليهم السلام) في بلدانهم، وصار ظهره كسواد الليل الذي يخرج فيه لحمل جِراب الطعام والحطب للفقراء، وحجّ بناقته خمس وعشرين حجّة، لم يزجرها أو يضربها؛ لرأفته ورحمته بالحيوان، وعُدّت رسالة الحقوق للإمام السجّاد (عليه السلام) أقدم وأكمل وثيقة قانونيّة، تضمّنت أكثر من خمسين حقّاً، جمعت كلّ الحقوق الخاصّة والعامّة، بينما الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان لم يوثّق أكثر من تسع وعشرين مادّة فقط، ويتفاخرون بأنّهم مدافعون وناشرون لحقوق الإنسان رغم عدم تطبيقها في بلدانهم بالشكل الصحيح، وقد قال رسول الله (صل الله عليه وآله) في حقّه: "ينادي منادٍ يوم القيامة أين زينُ العابدين؟ فيقوم عليّ بن الحسين بن عليّ"(1). ................................. (1) ميزان الحكمة: ج1، ص 160.