رياض الزهراء العدد 167 منكم وإليكم
رِفقًا بِالأُمَّهَاتِ
طفلكِ هزيل جدّاً، لماذا لا تطعمينه؟ لماذا ابنكِ كثير الحركة؟ طفلكِ مدلّل جدّاً؟ لماذا ابنكِ يبكي كثيراً؟ فصوته مزعج، ابنكِ عنيد حاولي أن تهذّبيه.. والعديد من التعليقات السلبيّة التي تتعرّض لها الأمّ عند خروجها من البيت لزيارة أحد أقاربها مع أطفالها، أو عندما يزورها الأهل والأقرباء، الأمر الذي يجعل الأمّ تستاء جدّاً، وتبدأ بتعنيف الطفل وتوبيخه للتوقّف عن هذا السلوك بصورة قسريّة، إرضاءً لرغبة مَن حولها، حتّى أنّ أغلب الأمّهات يعنّفن أطفالهنَّ ليس بسبب السلوك السيّئ الذي ارتكبه الطفل، بل بسبب خجلها من التنمّر الذي تتعرّض له من قِبل الناس. إنّ الأطفال نعمة ربّانيّة واختبار إلهيّ، إذ قال الله تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا) (الكهف: 46)، نعم هم زينة من ربّ العالمين يُكافأ بها الإنسان، إنّهم شموع دروبنا وأساس وجودنا، وضحكاتهم سبب سعادتنا، وأصوات مناغاتهم موسيقى حياتنا. أمّا من حيث الاختبار، فالطفل لا تنحصر شخصيّته باللعب والمناغاة، بل يحتاج إلى الحبّ والاهتمام والتربية، والتربية ليست بالأمر الهيّن، بل تحتاج إلى تعب وسَهَر وبذل جهد مضاعف لبناء شخصيّته وتكوينه بالصورة السليمة، وإنّ تربية الأطفال تمرّ بعدّة مراحل بحسب عمر الطفل وقابليّته وتكوينه العضويّ والفسيولوجيّ، وإنّ هذا الأمر بدوره يقع على عاتق الأبوين، وهنا يكون الاختبار الربّانيّ.. فهذا الكائن الملائكيّ الذي وهبه الله تعالى إيّانا، علينا مراعاته بما يُرضي الله تعالى ونبيّه (صل الله عليه وآله) وأهل بيته الكرام (عليهم السلام)، والثقل الأكبر يقع على كاهل الأمّ، فهي المسؤولة عن تشكيل شخصيّات أبنائها بكافّة جوانبها الجسميّة، والنفسيّة، والعقليّة، والروحيّة، وكلّ أمّ تأمل في أن تحصد بذرتها وتكوّن أجمل زهرة، لذا لكلّ أمّ طريقة في تربية أطفالها بحسب ثقافتها وقناعاتها أولاً، وبحسب ميول صغارها وطريقة تكوينهم جسديّاً ووجدانيّاً وفسيولوجياً ثانياً. وعليه، لا يوجد طفل يشبه طفلاً آخر، ولن تستطيع تطبيق طريقة تربية طفل على طفل آخر، فكلّ طفل يختلف عن الآخر بطريقة التكوين والقدرات العقليّة والذهنيّة، حتّى أنّ هذا الاختلاف يكون واضحاً جداً بين الإخوة، فبعض الأمّهات يشتكين من أحد أبنائهنّ دون الآخر. ومفتاح كلّ طفل تجدونه عند أمّه، فهي أعرف بابنها وطباعه، ولديها طريقتها في التعامل معه، وتوجيهه بالطريقة التي تجدها مناسبة لشخصيّته، ونعلم جميعاً أنّه لا يوجد أطفال مثاليّون، فكلّ طفل يمتلك طباعاً جميلة، وأخرى سيّئة، وأغلب الأطفال تظهر طباعهم السيّئة عندما يخرجون، أو عندما يزورهم ضيوف، فيبدؤون بمضايقة الأمّ واستفزازها. وعندما يضايقونها فهي بالتأكيد ستكون مستاءة ومُحرجة، فبدلاً من أن نهوّن عليها الموقف نصعّبه عليها بقصد أو بدون قصد عن طريق التعليقات السلبيّة التي نوجّهها إليها وكأنّنا لأوّل مرّة نرى طفلاً مشاكساً ولم نمرّ بموقف كهذا إطلاقاً. حاولوا مساعدتها في حلّ المشكلة، وإن كنتم لا تمتلكون الحلّ فتجاهلوا الموضوع، ولا تساعدوها في جلد ذاتها ولومها، وأيّ تصرّف تقوم به مع طفلها فلا تعلّقوا عليه، فهو في النهاية ابنها وهي أكثر إنسان حرصاً على مصلحته.. سيكون شعوراً جميلاً إن قمنا بمحاولة تهدئة الطفل بألعاب وما شابه ذلك، وإن لم تكن لكم رغبة في المساعدة فالزموا الصمت بدلاً من إبداء الانزعاج، على سبيل المثال غيّروا المكان بصورة غير ملفتة للانتباه، وحاولوا أن تهوّنوا الموضوع عليها ولا تُمطروها بكمّ من تعليقاتكم السلبيّة.