رياض الزهراء العدد 167 منكم وإليكم
روحٌ شُدَّ وِثَاقُهَا بِالسَّمَاءِ
لا أزال أذكرُ تمامًا ذلكَ الشعور الذي يُراودني مذ كنتُ صغيرةً، تلكَ الحيْرَة والدَهشَة حينَما أنظرُ عاليًا صَوْبَ السماء، وهي زرقاء صافية مرّة.. أو سوداء مرصّعة بالنجوم في مرّة أخرى.. أتذكّر تمامًا كيفَ كنتُ أُحادثها مرارًا وتَكرارًا ومن دون ملل أو كَلل؛ أُخبرها بأسراري، وأحادثها بمكنونات قلبي العميقة التي لم يسْمعها أحد، أو بالكاد يهتمّ بها. كنتُ أرى عالمًا آخر هناك، في ذلك العالم العلويّ؛ أُلامس شيئًا من الحريّةِ التي أفتقدها في عالِمنا.. حُريّة غريبة من نوعها، و فريدة لا تَشبه أيّاً من مفردات الحُريّة التي تعلّمتها على الأرض.. كلّما أبحرتُ في النظر أكثر أحسستُ بشيء من القوّة، والنشوة، وسرعةٍ في النبض، و فرحةٍ غريبة تغوصُ في أعماق جسدي حتّى تصل إلى أخمص قدميّ، فأحاول القفزَ حتّى أصل! وكأنّني أبغي السماء موطنًا!! ليستِ السماء فحسْب هي مَن أبغيها موطني..، فأنا أبغي موطنًا أبعدَ من ذلك! روحي لا تزالُ تُخبرني بأنّ السماء ليست الحدّ.. فهناكَ دائمًا أكثر! إلى ما بعد النجومِ والشمس.. إلى ما خلفَ الكواكب.. أبعد من الحياة والموت.. إلى الأبديّة، إلى الشعورِ الواحد، إلى الأزليّة.. إلى مُجاورة البارئ الأحد، إلى الاطمئنان.. هناك حيثُ السلام، و حيثُ أطمح أن أكون..