السُّلُوكُ العُدوَانِيُّ عِندَ المُرَاهِقِينَ.. (أَنوَاعُهُ، أَسَبابُهُ، وَعِلَاجُهُ)

أ. د. سعاد سبتي الشاوي/بغداد
عدد المشاهدات : 170

لم يتّفق العلماء على تعريف محدّد للعدوان يحوي بين ثناياه كلّ ما يتضمّنه هذا المفهوم، وذلك لأنّه يُستخدم في مجالات متعدّدة، فما يعرف في مجال قد يختلف تعريفه في المجال الآخر، ولكنّه بصورة عامّة يعرّف بأنّه أيّ شكل من أشكال السلوك يوجّهه الفرد بهدف إلحاق الضرر والأذى أو إيذاء كائن حيّ آخر تكون لديه الدوافع لتجنّب هذه المعاملة، ومن أشكاله العدوان الجسديّ، والعدوان اللفظيّ، والعدوان الرمزيّ، والعدوان المباشر، والعدوان غير المباشر، والعدوان المؤقّت، والعدوان العامّ، والعدوان الفرديّ، والعدوان الجمعيّ، والعدوان على الذات. إنّ أسباب عدوان المراهقين متعدّدة، منها: الأسباب الاجتماعيّة والتي تتضمّن تقليد الشخص القدوة، والتدخّل في شؤونه الخاصّة، ولفت انتباه الآخرين، والغيرة، ومعاملة المراهق كالطفل، أمّا الأسباب النفسيّة لعدوان المراهقين فهي: الإحباط، والشعور بالظلم، الشعور بالنقص وعدم الثقة بالنفس، كبت مشاعر الضيق والتوتّر، الحرمان، وهناك أسباب جسديّة بايولوجيّة، منها: النمّو المتسارع والتغيّرات الجسديّة التي تميّز مرحلة المراهقة، الاضطرابات الناتجة عن التغيّر الحاصل في الإفرازات الهرمونيّة، والنضوج الجنسيّ. تظهر آثار السلوك العدوانيّ على المراهقين على شكل سوء العلاقات مع الآخرين، وعدم الاندماج الاجتماعيّ، وعدم القدرة على بناء علاقات طبيعيّة ومرضية مع الآخرين، والانعزال عن المحيط من حوله، وافتعال المشاكل مع الغير، والتراجع الدراسيّ، والعناد وافتعال الغضب بشكل مقصود كي يحصل على ما يريد، ومن جهة أخرى فإنّ مقابلة غضب المراهق بالقمع الشديد والكبت، سوف تعكس ضعفاً في شخصيّته وثقته بنفسه، والاعتقاد الراسخ بأنّه غير قادر على التأثير في الآخرين. أمّا علاج السلوك العدوانيّ عند المراهقين فإنّه يتوجّب على الأهل أن يعرفوا من البداية أنّ عدوان المراهقين هو شعور وسلوك طبيعيّ، ولا يحتاج إلى القلق ما دام في ضِمن حدوده الطبيعيّة، ولكن لا يجوز مسايرة المراهق عند قيامه بالسلوك العدوانيّ إلى حدّ الامتثال والاستسلام لرغباته في كلّ مرة يستخدم فيها هذا الأسلوب، كي لا يتصرّف بانتهازيّة ويعيد تِكرار هذا الأُسلوب كلّما وقف حاجز أمام رغباته، مثلما لا يجوز استخدام أسلوب القمع والكبت مع المراهق بشكل دائم مع مشاعره الغاضِبة، ويُفضّل تعبئة وقت فراغ المراهق، وتفريغ الطاقات الانفعاليّة الزائدة ببعض الأمور المفيدة والمحبّبة لدى المراهق، ولا ضرر في أن يتحمّل جزءًا من المسؤوليّة عن نفسه وعن تصرّفاته، وتُترك له بعض الحريّة في خياراته وقراراته وشؤونه، كي لا يشعر بأنّه محاصر دائماً بالأوامر والنواهي والنصائح والإرشادات، فضلاً عن ذلك يجب تعليم المراهق من مرحلة الطفولة مهارات التفكير وحلّ المشكلات والعقبات بطريقة سليمة ومضمونة وبعيدة عن الأساليب العدوانيّة، ويفضّل العمل بالمشاركة على إدارة مشاعر السلوك العدوانيّ والغضب عند المراهقين عن طريق تغيير أسلوب المعاملة، فنعرف مثلاً ما الذي يُغضبه من طلباتنا، مثلما يجب أن نعوّده على أن يكون صبوراً وأن يحاول قدر المستطاع السيطرة على سلوكه عند شعوره بالغضب.