رياض الزهراء العدد 167 ألم الجراح
حَديثُ شَوقِ سَامَرَّاءَ إلى القَمرِ
عاد بِنَا اللقاء يا مدينة الانتظار وموعدنا اليوم يختلف عن كلّ لقاء فألقُ حديثنا اليوم عجيب فيه سرّ دفين، مذاقه برحيق الزهور، ورطب الجنان فكلّما أتيتُ ضريحكِ لأرتوي من منبع الحبّ تراني أتوسّد قوافل حنينكِ فيعاودني الظمأ إلى محرابكِ ظمأ الحنين إلى ذلك الكوكب الفريد بضيائه أكون في جوار ضريحكِ المقدّس للإمامين العسكريّين (عليهما السلام) بينما ينطلق الفؤاد مع قوافل أشواقكِ هناك حيث جنّة كربلاء، فتشرق السطور، وتتعطّر الأجواء بذكر الإمام الحسين (عليه السلام) وأخيه السقّاء (عليه السلام) حكايتنا اليوم يا سامرّاء كأوّل الشروق ونهاية الظلام تستأنس بها النفوس كأوّل تفتّح للورود ونهاية الدموع فها هي أيّامكِ تبتهج كبشائر بداية الربيع، فمهما تشتّت شمل الصبر فيها احتفلتِ متى ما حلّت أفراح شعبان ومتى ما شعّ هلاله البهيج وتدلّت من طوبى الأغصان ومتى ما استنشقتِ عطر النبوّة في نسيمه فأرى راية قبّتكِ وقد اشرأبّت إلى السماء وكأنّها تنادي يا أبا الفضل والإباء والناس تحمد الله تعالى على ذكرى الميلاد إذ أضاء الكون بنور وجه القمر بلى هو العبّاس (عليه السلام) خير مولود، وخير ناصر لأخيه هو مَن تفتّحت عيناه في حجر والده الإمام عليّ (عليه السلام) وتربّى من فيض ولاء أمّه أمّ البنين (عليها السلام) هو مَن كانت تهدهده يدا السيّدة زينب (عليها السلام) الحانيتان وتناغيه: (يا كفيلي) فيتطلّع إليها ببصيرة اليقين مُنصتاً لها بملء جوارحه فيحمل قلب الوليد رسائل شوق وتوقٍ إلى غايته المنشودة فلقد أُعطي في خلقه غاية ليس لها في الناس عداه حكاية العبد الصالح المطيع لله تعالى ولرسوله (صل الله عليه وآله) تتحوّل في حضرتها الأفئدة نغماً تتسامى به الشفاه متشفّعة به إلى الله تعالى فقد وُلِد هذا الطود الأشمّ والقمر الزاهر، مَن يسبح ضياء الليل بنور نظراته العلويّة وتضمّه القلوب الوالهة ضمّة المشتاق تنتظر اللقاء في الغدِ ليلتحق بركب الخلود ويتحقّق الأمل المنشود ليتوّج عشقه في ساحات القرب وهو سلطان الوفاء..