الأُخُوّةُ في ضَوءِ الإِسلامِ

آمال شاكر الأسديّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 177

من العلاقات الإنسانيّة التي حثّ عليها الإسلام الأخوّة لمّا لها من أثر نفسيّ واجتماعيّ، قال الله(سبحانه وتعالى): (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)(الحجرات: ١٠). "فتصميم القرآن على فهم الرابط الإنسانيّ الذي يربط الأفراد دون النظر إلى عقيدتهم ضروريّ ضمن النظريّة الإسلاميّة في تكامل النظام الاجتماعيّ، فالإنسان مُصمّم منذ نشأته على التحسّس والشعور والانفعال والتفاهم والتغيّر"(1)، والإخوة صنفان: إخوان الثقة، وإخوان المكاشرة، فالإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) يقول: "الإخوان صنفان: إخوان الثقة وإخوان المكاشرة، فأمّا إخوان الثقة فهم الكفّ والجناح والأهل والمال، فإذا كنتَ من أخيكَ على حدّ الثقة، فابذل له مالكَ وبدنكَ وصافِ مَن صافاه وعادِ من عاداه، واكتم سرّه وعيبه، وأظهر منه الحَسَن، واعلم أيّها السائل أنّهم أقلّ من الكبريت الأحمر، وأمّا إخوان المكاشرة فإنّكَ تصيب لذّتكَ منهم فلا تقطعنّ ذلك منهم، ولا تطلبنّ ما وراء ذلك من ضميرهم، وابذل لهم ما بذلوا لكَ من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان"(2)، وجعل النبيّ محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) المعاملة الحسنة مع الأخ عبادة، فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): "النظر إلى الأخ تودّه في الله(سبحانه وتعالى) عبادة"(3)، وذكر الإمام زين العابدين(عليه السلام) حقّ الأخوّة بقوله: "وحقّ أخيكَ أن تعلم أنّه يدكَ التي تبسطها، وظهركَ الذي تلتجئ إليه، وعزّكَ الذي تعتمد عليه، وقوّتكَ التي تصول بها، فلا تتّخذه سلاحًا على معصية الله(سبحانه وتعالى)، ولا عدّة للظلم لخلق الله ولا تدع نصرته على نفسه"(4)، وللأخوّة آداب، منها أن لا يحسد الأخ إخوانه على ما يراه من النِعم عندهم، فالله(سبحانه وتعالى) فاوت بين العباد في العطيّات، ومن المواقف التي رسمت أبعاد الأخوّة العليا ما حدث مع النبيّ يوسف(عليه السلام)، فعلى الرغم من التضحيات التي رافقته لمجابهة الهموم والمصائب، وما فعله إخوته به لم يجره ذلك إلى العداوة والقطيعة، بل جرّه إلى تعزيز العلاقة، فتغاضى عن إخوته عند هفوتهم وجرع غيظه عندما اتّهموه بالسرقة: (قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ)(يوسف: 77)، فهو مصداق لقول الإمام السجّاد(عليه السلام): "ما تجرّعت من جرعة أحبّ إليّ من جرعة غيظ لا أكافئ بها صاحبها"(5)، فلم يؤثّر ذلك في صلة الرحم، بل إنّ الحسد مات وحلَّت المحبّة موضعه وعفا عنهم: (قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ)(يوسف: 92)، وخاطبهم بقوله: (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللهُ آَمِنِينَ)(يوسف: 99)، فهذه هي أصول التعامل الصحيح مع الأخ في النسب أو الدين التي يريد الإسلام أن نلتزم بها. ............................................ 1- النظريّة الاجتماعيّة في القرآن الكريم، زهير الأعرجيّ: ٢٤٨. 2- بحار الأنوار: 6٤، ص193. 3- بحار الأنوار: ج38، ص196. 4- شرح رسالة الحقوق للإمام زين العابدين(عليه السلام): ص623. 5- ميزان الحكمة: ج ٣، ص٢٢٦٧.