رياض الزهراء العدد 168 شمس خلف السحاب
مِفتاحُ الصَّلاحِ في دُعاءِ الافتتاحِ
نقرأ في دعاء الافتتاح هذه الفقرة: "اللّهم إنّا نشكو إليكَ غيبةَ وليّنا"(1)، إذ إنّ الشكاية - عادة- تَصدر عن الإنسان عندما يرى أمرًا خارجيًا يؤثّر سلبًا فيه، سواء كان مادّيّاً أم معنويّاً؛ لذا فالشكاية هي كاشفة ليقظة فيه، ومحاولة جادّة للسعي إلى التغيير، والتحرّك نحو التحسين. وكذلك غيبة الإمام(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فهي أمر مؤذٍ ومؤلم بكلّ الأحوال، وشكاية المُنتظِرة تُنبئ عن وجود شعور الاضطرار والافتقار والحاجة إلى ظهوره، لكن تبقى هناك مراتب لذلك. فهناك شكوى بمرتبة أدنى: هي تلك التي تتمحور فيها الداعية حول ذاتها ومآلها وراحتها، فهي تشكو لأجل نفسها، متألمة لما يجري عليها من أثر غيبة إمامها الذي انتمت إليه، وارتبطت به، تريده ظاهرًا لينقذها ممّا تعيشه من استضعاف وتضييق! وهناك شكوى بمرتبة أعلى: هي تلك التي تبثّها المُنتظِرة لأجل إمامها، فهي ما بين شعور الاشتياق والترقّب لرؤيته، وبين العارفة بضرورة تعجيل فرجه الذي فيه عمارة الأرض وصلاح أهلها. وهناك شكوى أرقى: هي شكوى المُسلّمة لقضاء الله تعالى الذي أوجب أن تكون هناك غيبة، فهي شكاية غايتها التعرّض إلى رحمة الله تعالى؛ لكي تثبت في زمن تُزلزل فيه الأقدام بعد ثبوتها، وطلب العون كي تصلح ذاتها فلا تكون هي من أسباب الغياب. ...................................... 1- مفاتيح الجنان: ص٢٢٦.