كَنزُ شَهرِ رَمَضانَ

الشيخ حبيب الكاظمي
عدد المشاهدات : 173

السؤال: نعلم أنّ لكلّ فاكهة تأثيرها الخاصّ، وهذا من الجانب الفسيولوجيّ، فماذا عن الجانب النفسيّ للصائم في شهر رمضان؟ وأيّ طابع يغلب على الصائم بشكل عامّ؟ مضمون الردّ: شهر رمضان بمثابة بستان فيه أشجار، وثمرته هي التقوى، والتقوى تحتاج إلى التهيئة الفكريّة للمواسم، وهي: أن يطّلع الإنسان على أسرار ذلك الموسم، كأن يطالع أعمال شهر رمضان المبارك قبل حلوله، ويكتب لنفسه برنامجاً كي يوفّق للمحطّات العباديّة المختلفة، والتحديد في العمل أمرٌ مطلوب، ولهذا وضعت الشريعة محطّات من التركيز العباديّ، منها: شهر رمضان المبارك ثلاثون يومًا، وغيرها من المواسم العباديّة، فالعبادات لها مدّة زمنيّة مؤقتة؛ ليتسنّى للمؤمن أن يستجمع كلّ طاقاتهِ وقواه؛ فالقضيّة ليست قضيّة تلقائيّة، وشهر رمضان ليس شهر التقوى بشكل تلقائيّ.. وليس كلّ مَن صام شهر رمضان يحوز على ثمرة التقوى.. وإنّما يحتاج إلى أمور أخرى غير الصيام المتعارف. والذين يريدون أن يصلوا إلى شهر رمضان متميّز، فتحقيق ذلك يتمّ عن طريق القرآن الكريم؛ لأنّ الصيام بحسب الظاهر هو: عمليّة كفّ عن الطعام، والشراب، وباقي المفطرات.. ولكن هذا الكفّ أو هذا الصوم يحتاج إلى منهج، وإلى خلفيّة فكريّة؛ والقرآن الكريم هو الجزء المكمّل عن طريق إعطاء الإنسان الرؤية الكونيّة المناسبة؛ فعن طريق هذا التدرّج نصل إلى مقدّمات الكنز وهو (ليلة القدر). كذلك فإنّ لهذه العشر ليالٍ من الشهر الفضيل تأثيرات عميقة في النفس.. ويغلب عليها الجانب التوحيديّ، وهذا ما يتجلّى بشكل واضح وصريح عن طريق: الصلاة، والصيام، والعمرة، والزيارة، وإحياء ليالي القدر المباركة.. والقرآن الكريم أيضاً من صور الضيافة الإلهيّة.. فشهر رمضان هو شهر الدعوة إلى الضيافة، إذ ليس بمقدور كلّ أحد الدخول في ضيافة الله عزّ وجلّ!.. فشهر رمضان ليس شهر السِّحر والإعجاز، وليس كلّ مَن دخل الشهر، يكون قد دخل الضيافة؟! قمّة الجوائز تُعطى في شهر رمضان، لذا نحاول تهيئة الجوّ لاستقبال هذا الشهر، ليكون أوج اللقاء في ليالي القدر؛ ففي هذه الليلة يجري تغيير المقدّرات.. فإذن، المؤمن لا ييأس من رحمة الله(سبحانه وتعالى)، إذ قال(سبحانه وتعالى): (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(الزمر: 53).