"وَأَذهِبْ عنّي فيهِ النُّعاسَ وَالكَسَلَ"(1)

منى إبراهيم الشيخ/ البحرين
عدد المشاهدات : 1168

ليلى: في نهاية الحديث عن موضوع الكسل سأذكر بعض الآيات التي تحدّثت عن الكسل والكسالى. ثم نتذاكر بعض ما ورد من أدعية عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وآل بيته(عليهم السلام) يدعون الله فيها بالسلامة من آفة الكسل. قوله تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى)(النساء: 142)، والآية الأخرى: (وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى)(التوبة: 54)، أمّا الآية الثالثة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ)(التوبة: 3)، اثّاقلتم أي تكاسلتم. الآية الأولى والثانية تشيران إلى أنّ الكسل من صفات المنافقين، وهذا يضاف إلى المخاطر السابقة بوصف الكسل يضرّ بالدين والدنيا، وأنّه مفتاح كلّ شرّ، وأنّه يضيّع الحقوق: حقّ الله والناس، وأنّه يحرم الإنسان من حظّ الدنيا والآخرة. إذن صفةٌ هذه آثارها تتطلّب حذراً ومراقبة، تتطلّب لجوءاً إلى الله وتعوّذاً منها، وهذا ما نجده في أدعية رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل البيت(عليهم السلام)، وهذه نماذج منها: بتول: ما هو منسوب إلى الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم): "امنن علينا بالنشاط، وأعذنا من الفشل والكسل، والعجز والعلل والضرر والضجر والملل"(2)، بعد أن يطلب من الله النشاط يتعوّذ من أمور، منها الفشل والكسل فلم يحدّد كسلاً في أمور معيّنة. هدى: وعنه(صلى الله عليه وآله وسلم): "اللّهُمّ إنّي أعوذُ بكَ مِن الهَمِّ والحُزنِ والعَجزِ والكَسَلِ"(3). حوراء: ومن دعاء مكارم الأخلاق للإمام السجّاد(عليه السلام)، وهذا الدعاء لا أمَلُّ من قراءته: "وَلاَ تَبْتَلِيَني بِالكَسَلِ عَنْ عِبَادَتِكَ وَلا الْعَمَى عَنْ سَبِيلِكَ"(4)، الإمام(عليه السلام) يرى الكسل بلاءً يطلب من الله السلامة منه، فالكسل مضرّ بالعبادة، يُفقدها لذّتها وحلاوتها وقيمتها. حميدة: وعن الإمام السجّاد(عليه السلام) أيضاً في دعائه في شهر رمضان: "... وأذهبْ عنّي فيه النعاس والكسل والسأمة..."(5)، هنا الداعي يطلب من ربّه أن يُذهب ويُزيل عنه الكسل في أهمّ الأشهر، وأفضل الأيام والساعات وهو شهر رمضان المبارك. فإنّ الاستفادة من بركات هذا الشهر الفضيل والنهل من فيوضاته لا تتحقّق مع وجود صفة الكسل. ليلى: لاحظنا أنّ بعض الفقرات تناولت الكسل من زاوية محدّدة أو مجال واحد من الحياة والبعض الآخر تناول كلّ مجالات الحياة كدعاء رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم). ونختم الحديث بدعاء الإمام الرضا(عليه السلام) لولده الإمام المهديّ(عجل الله تعالى فرجه الشريف): "لا تَبْتَلِنا في أمْرِهِ بِالسَّأمَةِ وَالكَسَلِ، وَالفَتْرَةِ وَالفَشَلِ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ تَنْتَصِرُ بِهِ لِدينِكَ"(6)، الإنسان أمام امتحان ومسؤوليّة تجاه إمام زمانه(عجل الله تعالى فرجه الشريف) في زمن الغيبة، وفي زمن الظهور، والكسل والتكاسل في زمن الغيبة كسل وتكاسل في زمن الظهور، فالإنسان يطلب من الله التسديد بأن يكون من الموفّقين في علاقته بإمام زمانه، وفي قيامه بوظيفته تجاهه بالثبات على عقيدته، فلا تزلّ له قدم ولا يتزلزل له دين. شكرت الأخوات الأستاذة ليلى والقائمين على هذا اللقاء المبارك داعين الله بالتوفيق للعمل بتعاليم رسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته(عليهم السلام). ........................... (1) بحار الأنوار: ج94، ص 359. (2) ميزان الحكمة : ج 9، ص33. (3) ميزان الحكمة: ج7، ص255. (4) الصحيفة السجّاديّة: ص20. (5) بحار الأنوار: ج95، ص 101. (6) ميزان الحكمة: ج9، ص33.