وَحدةُ الفِكرِ والنَّشرِ في العَتَبةِ العَبّاسِيَّةِ المُقدَّسَةِ وقِراءاتٌ للعَملِ الإنسانيّ تتّضِحُ معانيها في أزمةِ كُورونا العَالَم

نادية حمادة الشمري
عدد المشاهدات : 198

على نطاق واسع في العالم سطا فيروس (كورونا) بغتةً ففرض إجراءاتٍ عدّة، غيَّرت كلّياً نمط حياة الناس، فألزمت الجهات الرسميّة للمدن العراقيّة جميع مواطنيها بالحجر الصحّي المنزليّ، في ضمن الإجراءات الوقائية للتصدّي لجائحة (كورونا) التي كان لها تأثيرها في حياة الأُسَر المتعفّفة، بينما خطَّطت لها المرجعيّة حياةً كريمةً تغني عن السؤال، فمن (وَحدة الفكر والنشر) بدأت الخطوة الأولى، تحتضنها العتبة العباسيّة المقدّسة وتكمل المسيرة أخريات.. منهنّ السيّدة (أشواق عبد الأمير شذر/ مسؤولة وَحدة الفكر والنشر). التعافي الاجتماعيّ - كورونا وتبعاتها جعلت المرجعيّة تتّجه نحو (التكافل الاجتماعيّ) في غضون وقت زمنيّ محدّد، مع متطلّبات تحتاج إلى خطط مدروسة مسبقًا؛ لوضع حلول آنيّة تُسهم في توفير السلّة الغذائيّة للأسر المتعفّفة، فما الخطط التي وُضعت على طاولة واقع التصدّي لسلبيّات جائحة كورونا من أجل الإلمام بالجانب الإنسانيّ للأسر المتعفّفة بوصفكم وَحدة نسويّة للنشر والفكر؟ الخطط نستخلصها من المرجعيّة الدينيّة العليا التي دائمًا وأبدًا تفكّر بالإنسان الذي هو محور الحياة، واعتادت المرجعيّة الدينيّة اتخاذ القرار في الأوقات الصعبة لما تمتلكه من بصيرة في احتواء الموقف، وهذه المرّة الموقف يخصّ (الأسر المتعفّفة) التي تمثّل طبقةً من نسيج المجتمع الكربلائيّ، أو المجتمع العراقيّ بشكل عامّ، لتبدأ الخطوة الأولى من توجيهات المرجعيّة في توفير الموادّ الغذائيّة الفوريّة للأسر المتعفّفة في مدينة كربلاء المقدّسة، تبعتها جهود من الوَحدة، فوضعت لهذه الجائحة خطّة عمل (خلية الأزمة)، وعُيّنت عن طريق المراكز القرآنية للوَحدة في مدينة كربلاء المقدّسة مَن يحتاج من العوائل إلى سلّات غذائيّة تتناسب مع احتياجاتهم اليوميّة الغذائيّة، والطبيّة، إضافةً إلى التوعية الدينيّة، والثقافيّة. المزايا النسبيّة لكلّ مشروع من المشاريع الإنسانيّة العديد من المحدّدات والمزايا النسبيّة، برأيكم ما هذه المحدّدات التي امتاز بها النسيج الكربلائيّ والعراقيّ في المِحن والأزمات بما أنّه عنصر مهمّ في المشاريع الإنسانيّة؟ يمكن القول إنّ توالي المحن والآلام على مدينة كربلاء المقدّسة قد أكسبت عناصرها النسويّة خبرةً في التعاطي مع الأزمات أيًّا كان نوعها، ففي إدارة أزمة كورونا اختطّت أنموذجاً خاصّاً بها، وسعت إلى اتّباع مسارِها الخاصّ في إدارة الأزمة، إدراكًا منها لاختلاف نظامها الاقتصاديّ والاجتماعيّ والثقافيّ، والتوزيع الديموغرافيّ للسكّان عن مجتمعات الدول الأخرى، مثلما أنّها تعلم أنّ كلّ دولة تحظى بميزات نسبيّة توظّفها في تحديد قدرات إدارة الأزمة وكيفيّاتها؛ ليرتكز الأنموذج الكربلائيّ على مجموعة من المحدّدات الاستراتيجيّة في مواجهة وباء كورونا الذي نهج منهج التدرَّج في الخطوات، فكانت الخطوة الأولى هي متابعة تعليمات منظّمة الصحّة العالميّة والمحليّة على حدٍّ سواء؛ ليكون الحلّ الأمثل هو الحَجْر والتباعد الاجتماعيّ الذي سيترتّب عليه سوء الأحوال المعيشيّة الاقتصاديّة لعدد من الأسر المتعفّفة، فاشترك المجتمع عن طريق تعزيز المبادرات المجتمعيّة الفرديّة، في إعداد مجموعات تشرف على وسائل التواصل الاجتماعيّ، وتتلقّى مساهمات الأفراد الماديّة والعينيّة والدعم اللوجستيّ، لننطلق وَفق إطار (معاً نحن بخير) في التحرّك الاستباقيّ لإدارة الأزمة عن طريق تجهيز الخطط والقدرات للتعامل مع الخطوات المقبلة، والاستعداد لكافّة السيناريوهات المحتملة، وهذا كفيل بأن يوفّر لنا مناهج مخطّطة في إدارة الموقف، فالمجتمع الكربلائيّ مجتمع يعتمد في حياته على العادات والتقاليد والتي تظهر مزيّتها في الكَرَم وإغاثة الملهوف، وبخاصّة يكون واضحًا وجليًّا في العتبات المقدّسة في موسم شهري محرّم وصفر، ومنتسبو العتبتين المقدّستين على موعد مع أعداد هائلة من الزائرين، إضافةً إلى ترتيب المواكب المشاركة في العزاء، لتكون موائد الإمام الحسين(عليه السلام) قد نُصبت قبل شهري محرّم وصفر. محدّدات طبقة (الأسر المتعفّفة) توزيعها الديموغرافيّ واسع المساحات في مدينة كربلاء المقدّسة، فكيف استطعتم بوصفكم مسؤولين عن وَحدة الفكر والنشر الوصول إلى هذه العوائل؟ نتجت هذه الخلية من التقاسم في وضع الخطة بين ملاك الوَحدة وملاك التوجيه الدينيّ في العتبة العباسيّة المقدّسة، إضافةً إلى تبادل الحلول الناجعة للحدّ من الأزمة، ومن بين تلك الحلول متابعة التطوّرات للجائحة عالميًا ومحلّيًا ورصدها بالاستفادة من الخطوات الاحترازيّة الوقائيّة، هذا إضافة إلى المتابعة الاقتصاديّة للموادّ الغذائيّة وكيفيّة توفير الحلول للوقوف مع العائلة في توفير الاحتياجات اليوميّة وإيجاد حلقة وصل تعود بالفائدة على التاجر والمستهلك، إضافة إلى تفعيل دور (مراكز التبليغ) التابعة للعتبة العباسيّة المقدّسة، فتعاهدت خمسون شخصيّة كربلائيّة من النساء على مزاولة أول عمل إنسانيّ تطوّعيّ منظّم تحت عنوان: (مراكز التبليغ النسويّ) للعتبة العباسيّة المقدّسة لضمان استفادة جميع العوائل من الطرود الغذائيّة. الباحث عن التكافل الاجتماعيّ خطوة وَحدة الفكر والنشر أولدت مساقات أخرى للتكافل الاجتماعيّ، فما المساقات الأخرى التي استطعتم عن طريق هذه الوَحدة توفيرها؟ نعم، فتحت هذه الوَحدة العديد من المساقات لتغطيتها هذه الطبقة، نتيجةً للانفتاح الإعلاميّ الذي هو لغة العصر، فاستطعنا عن طريق وسائل الاتصال الاجتماعيّ توصيل احتياجات هذه الطبقة بالتعاون مع جهود ذاتيّة لبعض التجّار، وبمبادرات شخصيّة لبعض الأفراد في توفير الأدوية الطبيّة لبعض الأمراض المزمنة، وتوفير مبالغ ماليّة لعدد من أصحاب الدُّور السكنيّة المستأجرة لهذه الطبقة، وهنا اتّسعت الخطّة لنُكوّن في المجتمع باحثاً عن التكافل الاجتماعيّ، فاستطعنا تفعيل دور الكافل الاجتماعيّ، سواء بالتقديمات العينيّة أم الزيارات الميدانيّة، وكلّ على طريقته في التكافل. قارب الإنقاذ الثقافة الصحيّة، هل لا تزال عقيمة في مجتمعات طبقة (الأسر المتعفّفة)، وكيف استطعتم إيصال المعلومة الصحيّة؟ المسؤوليّة الاجتماعيّة مطلوبة في كلّ الظروف، ومطلوبة أكثر في الظروف الصعبة، وفيروس كورونا، كشف لنا عن مستويات الرعاية الصحيّة واحتياجات المجتمعات الإنسانيّة، وتفاوتها من طبقة إلى أخرى، فالمسؤوليّة الاجتماعيّة تحتّم علينا اتّخاذ الإجراءات من قِبل المعتمدين والأفراد، لأنّ كِلا الطرفين في قارب واحد، يعملون بوصفهم فريقًا متناغمًا من أجل المصلحة العامّة، فأزمة كورونا حتّمت على الصدّ الأول وهم الأطباء المساهمة في إيصال رسالة تطبيقيّة على أرض الواقع، والأدوات التي تُسهم في الحدّ من هذه الجائحة، ووجدنا تقبّلًا لكثير من النصائح الاحترازيّة التي تُسهم في حمايتهم، من ارتداء الكمامات، واستخدام المعقّمات، وهو المنهج الذي اعتمدناه في الزيارات الميدانيّة، إضافةً إلى تفعيل دور لغة الجسد في الابتعاد عن أماكن التجمّعات، والمسافة التي يجب مراعاتها بين الفردين وفق النقاط التي وضعتها منظّمة الصحّة العالميّة، إضافةً إلى وضع ورقة لإعادة النظر في الأولويّات الصحيّة، من العمل على تنمية قدرات صحيّة للأسرة، فضلًا عن وضع جدولة ماليّة للاحتياجات الملحّة من قبيل تأمين المعدّات الطبيّة والأدوية. في إطار المساعدات الماليّة والمقطوعة، تنتهج العتبة العباسيّة المقدّسة بوَحدة النشر والفكر المرونة والفاعليّة بهدف الوصول إلى أكبر شريحة من الفئات المحتاجة داخل مدينة كربلاء المقدّسة، بالاستدامة وتكريس توجيهاتها على مبدأ التكافل الاجتماعيّ.