رياض الزهراء العدد 168 لحياة أفضل
طَبقُ إِفطارٍ
لم يتبقّ إلّا وقت قليل حتى يُرفع أذان المغرب، وكانت الأمّ مشغولة جدّاً في إعداد وجبة الفطور في أجواء مُفعمة بالحبّ وذكر الله، فكان لصوت القرآن الكريم في تلك الساعة وقع قويّ وطاقة إيجابيّة تنير القلب وتقوّي الجسم، ووسط كلّ هذه الأعمال يأتيها الصوت: ماما، أيمكن أن تُسمعيني درس القراءة؟ فأجابته: حبيبي أحمد سنراجعه بإذن الله معاً بعد الفراغ من وجبة الإفطار، وما تمرّ إلّا دقائق وإذا ابنتها زينب تقول: أمّي أسرعي لإرضاع أخي الصغير فقد استيقظ من النوم وهو الآن يصرخ من الجوع. الأمّ: حالاً يا حبيبتي فقد أوشكتُ على إكمال إعداد المائدة. أحمد: ماما لمَن هذا الطبق الذي وضعتِ فيه نوعاً من كلّ أصناف إفطارنا؟ الأمّ: إنّه لبيت جيراننا الحاجّة أمّ حسن. أحمد وبتعجّب: ولكنّهم ليسوا فقراء، فلماذا تُرسلين إليهم الطعام، بل إنّنا أحقّ بهذا الأكل منهم، فأبي يتعب ويشقى في سبيل توفير لقمة العيش وأنتِ تقسّمينه بيننا وبين الجيران؟ الأمّ: أحمد حبيبي لقد أوصانا الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) بإفطار الصائم ومدى استحبابه فقال: "مَن فطّر فيه صائماً كان له مغفرة لذنوبه وعتق رقبة من النار"(1)، يعني وإن لم يكن فقيراً. أحمد: أمّي إنّي خَجِلٌ من نفسي. الأمّ: لا يا نور عيني، أنتَ لم تكن تعلم واليوم تعلّمتَ، فأتمنّى أن تحفظ هذا الدرس دائماً ليكون لكَ باباً لكسب الحسنات ورفع الدرجات؛ لأنّكَ بذلك قد أفطرتَ صائماً وبررتَ جاراً، هيّا أسمعني حديثاً نبويّاً شريفاً يخصّ حديثنا هذا. أحمد: قال (صلى الله عليه وآله وسلم): "مازال جبرئيل (عليه السلام) يوصيني بالجار حتى ظننتُ أنّه سيورثه"(2)، الأمّ: أحسنتَ يا قرّةَ عيني. ............................................ 1- جامع أحاديث الشيعة: ج٩، ص267. 2- بحار الأنوار: ج74، ص94.