مَاذا نَرِثُ مِن آبائِنا؟

زينب خليل آل بريهيّ/ كربلاء المقدسة
عدد المشاهدات : 127

لطالما عرفنا منذ القدم أنّنا نرث الجينات من آبائنا، والدراسات تؤكد أنّ للأب تأثيراً كبيراً في الجينات، فعلى الرغم من أنّ كلا الوالدينِ ينقلان نفس الكميّة من الموادّ الجينيّة إلّا أنّ الأب له تأثير أقوى في نموّ جسم الطفل، فنحنُ نرث لون العيون، وشكل الجسم، ونرث حتى السلوكيّات والمُعتقدات، ولكن هل نرث الجراح؟ هل نرث خيبات الأمل؟ منذ الصغر وتفكيرنا يتمحور حول ذاتنا فقط، نشعر وكأنّنا محور الكون، بأجسادنا وتفكيرنا، بعقليّتنا ومسيرتنا في الحياة، لكن ما معنى الأبوين أو الأهل ما التزاماتهم تجاهنا؟ وسؤال يطرح بين زوايا الحياة وهو: إنّنا لم نختر أهلنا، وُلِدنا ولنا أبوانِ، لم ندرك معنى أن يكونا زوجين! أن يكونا موظفينِ، أو مواطنينِ، أو مُديرين.. أي تكون لديهم في حياتهم التزامات أخرى، وهموم، ومشاكل، وصراعات داخليّة، هَل عاقبُوا أو تجاهلوا أو قلّلوا من أهميّة مشاعرنا؟ هل تجاهلوا أهميّة وضع الضوابط؟ هل كانوا غائبين عنّا أو أهملونا؟ لم نعرف أنّهم حين كانوا يمهّدون لنا الطريق للحياة، كانوا يداوون الكثير من الجراح، كثير منها لا يدرون بها، جراح لا يعلمون كيف يتعاملون معها، جراح ورثناها من الحياة، من صِعاب السنين، من الأسى والحرمان، حتى تكوّمت كغيمة في كلّ مرة تمطر نعجز فيها عن المضي في معترك الحياة. هذه الجِراح تنعكس بأشكال عدّة على حياتنا، البعض يكون بشكل تنمّر، والبعض الآخر بشكل عُقدٍ نفسيّة تتكوّم لتؤرّق ليلنا فتمنع عنّا النوم، وتتشكّل بصورة نوباتٍ من التفكير المستمرّ والخوف الذي يسكن أرواحنا. هذه الجراح، لا مرهم لها سوى الأيام، لا خلطة سحريّة من العطّار، ولا دواء من الصيدليّة لنداوي الصدمات أو الجروح التي نحملها بداخلنا. ولكن قبل كلّ هذا، لابدّ من أن نسامح أهلنا قبل أن نحمل أعشاب اللوم والحقد الضارّة بحديقة أرواحنا، فلا شيء ينمو ويستمرّ. وقد قال تعالى: (...وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)(الإسراء: 24).