التَّعلِيمُ والحَداثَةُ

جنان عبد الحسين الهلاليّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 136

يُعدّ التعليم القاعدة الأساسيّة لتقدُّم الأمم، وإصلاح البيئات التعليميّة متطلّب أساسيّ من متطلّبات النهوض، فلا يمكن أن تنهض أمّة بدون الاهتمام بتعليم شعبها، وإعداد ملاكات تدعم التقدّم في المجالات المختلفة في المجتمع، مثلما أنّ بناء منظومة تعليميّة متطوّرة ومتجانسة مع النُّظم التعليميّة العالميّة الحديثة يفتح المجال أمام تقدّم الدولة على المستويات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة وإلى ما غير ذلك، فالتعليم هو المحرّك الأساسيّ في تقدّم المجتمعات، ويقاس تطوّر الشعوب ونماؤها عن طريق التعليم، فيما واكب تطوّر العلوم والتكنولوجيا الشعوب المتقدّمة، فبعد التطوّر السريع للمعلومات وتقنيات التواصل الاجتماعيّ، لابدّ من تطوير منظومة التعليم لتكون عاملاً فاعلاً في بناء مجتمع مبتكر. ومن الواضح أنّ عمليّة التعليم بدأت تفتقر إلى طرق وأساليب جديدة شعر بها الطالب وإن حاول أصحاب الاختصاص الإخفاء والإخفاق، حيث إنّ متطلّبات العصر والرؤية المستقبليّة بحاجة إلى بناء مسارات تعليميّة عديدة ومهمّة إذا كنّا نؤمن بأنّ مستقبل الدولة يبدأ من المدرسة، ولقد تكرّرت عبارة: "تطوير المناهج التدريسيّة" حتى تشبّعنا من تناول هذا الموضوع، فكلّما ذُكِرت وزارة التربية وبرامجها في التغيير والحداثة، جاء مفهوم تطوير المناهج الدراسيّة، نعم لا يختلف اثنان على أهميّة المناهج وتطويرها، ولكن إضافةً إلى بناء مسارات جديدة في التعليم نحتاج إلى بناء المناهج بطريقة تواكب عمليّة التطوّر العلميّ وتوظيف التقنيّات، وإكساب التلاميذ مهارة حلّ المشكلات، ولهذا فمن الضروريّ أن تتغيّر النظرة إلى المنظومة التعليميّة من نظرة تقليديّة قائمة على الحفظ والفهم والاستظهار إلى مفهوم أشمل وأوسع، قائم على إدراك المستجدّات والمتغيّرات التي يعيشها المجتمع. وإنّ تطوير بنية النظام التعليميّ بمكوّناته الماديّة والبشريّة وتحسينها أصبحت ضرورة ملحّة، وخياراً استراتيجيّاً تُمليه طبيعة الحراك التعليميّ والتربويّ في الوقت الحاضر، فلابدّ من حلول ومقترحات مستعجلة وهي أن تقوم إدارات التربية والتعليم بدراسة تشخيصيّة لواقعها التعليميّ، والنظر في مخرّجاتها التربويّة، إضافة إلى العمل على تأهيل مديري المدارس والمعلّمين في مجال الجودة في التعليم عن طريق برامج تدريبيّة تربويّة جادّة، وإدخال تقنيّات حديثة ودورات خاصّة لتعلّم برامج الحاسوب، وتطوير قدرات الملاك التعليميّ عن طريق دورات تدريبيّة على كيفيّة توصيل المعلومة إلى الطالب، لأنّ منهجاً قوياً بدون معلّم قويّ يُفسد العمليّة التعليميّة. والجانب الثاني الذي قد يكون مهملاً من قِبل المختصّين هو عدم الاهتمام بتنشئة جيل جديد أخلاقيّاً، يكون تحت إشراف أساتذة متخصّصين في مجال التربية الأخلاقيّة ونظام الأتكيت، فيتزوّد الطالب بكمال الأخلاق المهمّة بحياته إضافةً إلى العلم. وتدريب المعلّم على كيفيّة التواصل مع الطلبة والتقرّب من أفكارهم، وتعليم أساليب الحوار والمناقشة وفنّ الإصغاء للآخرين؛ لأنّ لغة الحوار تكاد تكون مفقودة لدينا، ممّا يشكّل فجوة بين الطالب والمعلّم، ويبقى التعامل الوظيفيّ السطحيّ هو السائد بينهما، أمّا إذا كان الطالب قريباً من أستاذه اتّخذه قدوة لهُ وتعلّم سلوكيّاته وأخلاقيّاته، فالعامل النفسيّ للتلاميذ له دوافع إيجابيّة عظيمة، ويساعد في تفوّقهم العلميّ ونموّ سلوك أخلاقيّ جيّد لديهم، وتكوين حلقة وصل وتعاون بين إدارة التربية بالمتابعة من جانب الأسرة والمدرسة لسلوكيّات الطالب وتقييم سلوكه من أول مرحلة للتعلّم في رياض الأطفال حتى مرحلة الجامعة، فمَن شبّ على شيء شاب عليه.