رياض الزهراء العدد 168 الحشد المقدس
الاختِيارُ
تأتي الفرصة مرّة واحدة في الحياة؛ لتشقّ طريقاً طويلاً حتى تصل إلى ما تريد، جميلة تلك الفرصة التي تكون هديةً من الله وطريقها يكون الجنّة، اختار فتى أحلامي طريقه بنفسه، اختار الموت على حياة العبوديّة، بينما كنتُ أنا أجهّز لتفاصيل زفافنا كان هو يجهّز حقيبة سفره ليشقّ طريقاً ليس له عودة، تركني بدون أن يودّعني حتّى. كنّا جالسين جميعاً نستمع إلى خُطبة الجمعة، كانت هذه الخطبة المنتظرة، حيث انطلقت فتوى الدفاع الكفائيّ لصد الاعتداء الذي شنه كيان داعش الإرهابيّ الذي أراد الخراب لبلادي ودمارها وإعادة العبوديّة والجهل من جديد، لكن شاء الله أن يكون هناك منقذ حكيم يأمر بما يأمر به إمام زماننا (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، مرجعنا المفدّى أطلق الفتوى لينقذ أهل العراق من فتن الزمان وجور الطغيان. ذهب فارس أحلامي على حصانه الأبيض مرتدياً كفنه، شاهراً سلاحه مدافعاً عن دِينه وأرضه وعِرضه، كاتباً في وصيّته: ذهبتُ لأدافع عن وطني وشرفي، والله إنّي أفضّل الموت على حياة الذلّ ولن أعطي شبراً من بلدي حتى إذا سقيتُ الأرض من دمي ملتحقاً بشباب الطفّ، أنا هنا فداءٌ لوطني وشرفي، عندما أغمض عينيّ سيأتي إمامي ويأخذ بيدي إلى الجنّة، وما هي إلّا أيام حتى أخبروني أنّ عريسي التحق بالحشد المقدّس، كنتُ فخورةً به وبقيتُ أعدّ الساعات لعودته، وما هي سوى أيام قليلة حتى أتى الخبر الذي انتظرته، خبر عودة شريك حياتي. عاد لكن عاد في تابوت، وبدلاً من أن أزفّ معه إلى منزلنا الجديد زُفّ شهيداً لوحده، وبدل زغاريد الفرح والسرور تعالت الصرخات وفُجِعت قلوب الأحبّة، لكنّها راضية بقضاء الله وقدره، وأنا أنتظر يومي الذي أذهب فيه إلى عريسي لنتزوّج في الجنّة.