رياض الزهراء العدد 168 منكم وإليكم
فَوزُ الشَّهَادةِ
شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، حيث تكون الشياطين مغلولة، ويكون العبد في بحبوحة رحمة ربّ العالمين، فيرجو العابدون الرحمة والمغفرة، وينشد السالكون القرب والزلفى، فقد شارف على الانتهاء، هي أيام قلائل وسيأتي العيد ويفرح المؤمنون بقبول الصيام والقيام، ولكن تلوح في الأفق ريح الغدر التي تريد أن تسلب اليتامى والدهم وملجأهم، ففي أزقّة الكوفة كانت شياطين الجنّ تترقّب هذا اليوم، ستغتال شياطين الأنس روح عالَم الوجود: سيّد الموحّدين وباب مدينة علم رسول ربّ العالمين (صلى الله عليه وآله وسلم)، لم يستطيعوا أن يطفئوا نور النبوّة، وهاهم يريدون إطفاء نور الإمامة، ولكن هيهات، فالله متمّ نوره ولو كره الكافرون، وما نقموا من أمير المؤمنين (عليه السلام) إلّا أنّه عبد الله مثلما يريد لا مثلما يريدون، وأقام حدوده وأحلّ حلاله وحرّم حرامه، وأخذ بأيدي عباده إلى طريق الحقّ والمعرفة، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وذاد عن دين الله بسيفه وعلمه. دوّت صرخة في محراب مسجد الكوفة: فزتُ وربّ الكعبة، هوى سيف اللعين على رأسه، فسال دمه الشريف حتّى خضّب لحيته مثلما انبأه حبيبه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ففازت الشهادة وتزيّنت بعليّ (عليه السلام)، فكانت وفاته في أفضل الشهور وأفضل الأوقات وأفضل الأماكن، فرجعت روحه إلى حيث كانت تتوق إلى موطنها في عليّين، حيث أرواح الأنبياء والأوصياء والأولياء، وفارق هذه الدنيا بعد أن أعيتهُ محاربة النفوس الضالّة المُضلّة، فمضى إلى ربّه شهيداً سعيداً فعلى الدنيا بعده العفاء.