رياض الزهراء العدد 168 منكم وإليكم
لَيلَةُ القَدرِ بينَ الأملِ والرَّجاءِ
عندما جاءت ليلة القدر طلّ القمر على استحياء محاطاً بهالته الباهتة، ليبدّد قسماً ضئيلاً من ظلمة السماء دون أن يطغى على ردائها الأسود، انتابتني مشاعر متردّدة متسلسلة وسط الآهات والآلام الكثيرة التي غلّفت قلبي، مددتُ مصلّاتي والتصقت قدماي بها، جلستُ والخجل قد اعتراني من كلّ جانب وصوب، لمحتُ السماء بنظري، نبضت دموعي التي سالت أنهاراً تتلألأ فوق وجنتيّ، رنّ هاجس مجهول المصدر: أعلني التوبة في لحظات هذه الليلة النورانيّة، استيقظت حواسّي، تسارعت نبضات قلبي، تسرّب الخجل إلى عروقي، حلّقت طيور الذكريات في فضاء ذاكرتي، أينَ، كيف، ماذا فعلتُ؟ أنا امتلأتُ تقصيراً مع الله، عادت دموع الرجاء تتجمّع في مقلتيّ، وانحدرت على وجنتيّ بصمت عميق، تركتها تسيل لتطهّر روحي المتعبة التي تحطّمت على صخرة قساوة الغفلة، فانعدم عندها الأمان والصفاء، أبحث عن روح طاهرة نقيّة تتجرّع الطمأنينة والسكينة، من إناء قربها لخالقها، فرفعتُ كفّيّ كحالة القنوت أرجو الغفران والصفح من خالقي: ربّاه أتيتكَ من عالمي المليء بالآثام إلى عالمكَ الملكوتيّ، تهتُ في زقاقات الحياة المظلمة، فأخذتني بعيدة عن نوركَ، وسقطتُ في شباك صيد الشيطان، حتى سُجِنتُ بين خيوطها الرفيعة كعصفورة تطلب النجاة بقلب آلمه الحزن والانكسار، تسارعت أنفاسي في صدري والحيرة قد أخذت منّي كلّ مأخذ، فلا معين لي غيركَ، يا الله اجبر خاطري برضاكَ عنّي، وأمطر سحائب عفوكَ فوق أرض قلبي الجرداء المتصلّبة لشدّة الذنوب، فيا مولاي أنتَ رجائي فلا تُغلق باب رحمتكَ بوجهي، ولا تجعل أحلام غفرانكَ تختنق بين خلجات صدري، فأنتَ أرحم الراحمين.