شَيءٌ فِي القَلبِ

خديجة عليّ عبد النبيّ
عدد المشاهدات : 204

ماذا يحدث حينما يزورنا أشخاص أعزّاء على قلوبنا؟ وقرّر هذا الضيف العزيز بالوداع والرحيل نحن نستمرّ بوداعهم حتى نوصلهم قرب الباب، وإذا بالأحاديث تطول، وربّما تكون هي الأجمل والأمتع مقارنة بوقت الزيارة.. شهرنا العزيز على الأبواب الآن.. استمتعوا برفقته حتى آخر لحظة.. لقد حمل إلينا الكثير من الفرح والنور.. عانقوه بقوّة في أثناء سجودكم، وسلّموا على آيات الكتاب الكريم آية آية.. سلام الحبيب وليس المفارق، فهو العيد الحقيقيّ الذي يعزّ فراقه.. أمر أعلّمه لأصدقائي الصغار حينما يشاركوننا في إحياء ليالي القدر، في دعاء (الجوشن الكبير) بين كلّ فقرة 10 أسماء مختلفة مفردة لله (سبحانه وتعالى) تكرّر "اللهم إنّي أسألكَ باسمكَ يا سامع ..يا جامع...الخ"(1)، ما المانع أن نضع أكفّنا على صدورنا، أعتقد أنّها تعيد تشغيل مفاتيح معطّلة بأرواحنا بنور اسمه الذي أضاء له كلّ شيء.. ثم إنّني لم أفهم لماذا كنتُ ولا أزال لا أستطيع أن أتجاوز أحدًا، أشمّ رائحة احتراق ما تنبعث منه من دون أن أحاول إطفاءه.. حتى علمت أنّ الله (سبحانه وتعالى) الذي أبحث عنه وأحاول فهمه موجود عند أولئك المتعبين المنكسرة قلوبهم.. ثمّ ذهلتُ ممّا توصّلتُ إليه! إذ ما الرابط بين علاقتي العاموديّة بالإله مع علاقتي الأفقية بالمخلوقين؟ كأنّه يعلّمنا أنّ وسيلة اتصالنا الحقيقيّة ببعضنا هي القلوب والأرواح.. فألم الإنسان الفعليّ مكمنه هناك.. هذا المخلوق العائمة به حكاياه السريّة ومشاعره المتوارية.. آلامه الوحيدة التي لا يعرف بها أحد، والتي يختزلها بوعيه المخفيّ كالإسفنجة، ويدفنها بأصقاعه كالألغام فينفجر كالبارود إذا ما نكأته.. أنتَ تجسّ يدكَ إلى عالم المعنى الذي أتى وأتيتَ منه، موطنه وموطنكَ الأصليّ، تعيد نفسكَ إلى ما قبل الخليقة حيث لا مكان ولا زمان يُنشر ويُطوى، فتدرك أنّنا جميعًا موصولون بخيوط غير مرئيّة وإن تشابكت، وهنا يكمن الإنجاز وتحقّق شيئًا من هدف وجودكَ.. وهذا ما يجعل روحكَ موصولة بخيوط غير ناضجة متفرّدة خضراء باعثة على الطمأنينة، تضرب بجذورها نحو الشمس، ترقّ إلى أن تصبح غيمة للبشر المغموسين بالجفاف.. ثمّ لا يلبث أن يتكفّل الله (سبحانه وتعالى) بريّكَ وتصبح غيثًا فضيًّا.. ................................ 1- بحار الأنوار، ج ٩١، ص٣٨٥.