رياض الزهراء العدد 169 لنرتقي سلم الكمال
الجَارُ ثُمَّ الدَّارُ
قال الله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي القربى واليتامى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي القربى وَالْجَارِ الْجُنُبِ) (النساء:36)، يوصي الله تعالى بالإحسان إلى الجيران البعيدين مضافاً إلى الجيران القريبين، وأنّ حقّ الجوار غير منحصر في نظر الإسلام بالجيران المسلمين، بل يشمل غير المسلمين أيضاً. ولِحقّ الجوار في الإسلام أهميّة بالغة، إلى درجة أنّنا نقرأ في وصايا الإمام أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام): "ما زال رسول الله (صل الله عليه وآله) يُوصي بالجار حتّى ظننّا أنّه سيورّثهم"(1)، لقد أراد الإسلام أن يقوّي أواصر العلاقات بين جميع أفراد البشر؛ ليستطيعوا التعاون فيما بينهم عند ظهور المشاكل والحوادث. ومن موارد التوفيق الإلهيّ هو الجار الصالح، لذا دعا أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أن يكون اختيار المنزل الذي يريد الإنسان أن يقيم فيه خاضعاً لدراسة حول الجيران لقوله (عليه السلام): "سَلْ عن الجار قبلَ الدار".(2) والجيران ثلاثة، مثلما رُوي عن رسول الله (صل الله عليه وآله): "فمنهم مَن له ثلاثة حقوق: حقّ الإسلام، وحقّ الجِوار، وحقّ القرابة، ومنهم مَن له حقّان: حقّ الإسلام، وحقّ الجِوار، ومنهم مَن له حقّ واحد، الكافر له حقّ الجِوار".(3) إنّ حسن الجوار من المفاهيم الإنسانيّة التي يتفرّد بها الإنسان عن غيره من المخلوقات، فالإنسان اجتماعيّ بالطبع. وفي عالمنا اليوم العلاقة بين الجيران تسير إلى الأسوء بسبب ضعف الوازع الدينيّ لدى الأفراد، مثلما أنّ المخالطة الكثيرة مع الجار سبّبت مشاكل ونزاعات، لذا لا بدّ من وجوب الإبقاء على الخصوصيّات، وفي الوقت نفسه ينبغي احترام خصوصيّات الجار، فلا نعمد إلى التدخّل في حياتهم والبحث عن أسرارهم، وفي دراسة أُجريت حديثاً على شريحة من الأفراد الذين تعرّضوا إلى النوبة القلبيّة كانت النتيجة التوتّر اليوميّ بسبب الجار المؤذي، في حين جاء في الأحاديث الشريفة أنّ إيذاء الجار من الكبائر؛ لقول رسول الله (صل الله عليه وآله): "لا يؤمن بالله واليوم الآخر مَن لا يأمن جاره بوائقَهُ"(4)، لهذا نرى اليوم الكثير من الناس لا يعرفون جيرانهم ويفضّلون العزلة حتّى لا يتعرّضوا إلى المشاكل، وهذا غير صحيح. لقد جعل الإسلام طريقاً للكمال عن طريق علاقة الفرد بالآخرين ومنهم الجار، على أن تكون العلاقة وفق الحسابات العقلانيّة والمدروسة والمقيّدة بقيود الشارع المقدّس في كيفيّة حسن التصرّف مع الآخرين. ......................... (1) الأمثل: ج3، ص141. (2) نهج البلاغة: ص455. (3) (4) جامع أحاديث الشيعة: ج16، ص89. أجوبة موضوع: (فمَن كان يرجو لقاء ربّه) ج1/ 2- أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام). ج2/ 3- الشيخ جواد التبريزيّ. الأسئلة: مَن القائل؟ س1: "ليس حُسن الجِوار كفّ الأذى ولكن حُسن الجِوار الصبر على الأذى" (أ) الإمام الكاظم (عليه السلام). (ب) الإمام الصادق (عليه السلام). (ج) الإمام الحسين (عليه السلام). س2: "حُسن الجِوار يعمّر الديار ويزيد في الأعمار" (أ) الإمام الجواد (عليه السلام). (ب) الإمام الصادق (عليه السلام). (ج) الإمام السجّاد (عليه السلام).