رياض الزهراء العدد 169 نافذة على المجتمع
رِيَاضُ الزَّهراءِ (عليها السلام) خَمسَةَ عَشَرَ عَاماً مِنَ الوَلاءِ وَالعَطَاءِ
رياض الزهراء (عليها السلام) إصدار نسويّ ملتزم، أُطلق في السنوات الأخيرة التي ظهرت فيها مطبوعات تتوجّه إلى المرأة، إلّا أنّ اللافت للنظر أنّ معظم هذه المطبوعات تُركّز على المظهر والديكور والملابس، بينما يتمّ تجاهل عقل المرأة، إذ أغفلت الصحافة النسويّة في أحيان كثيرة خصوصيّة قضايا المرأة المسلمة، وأظهرت الصحافة المرأة في صورة النموذج الذي يهتمّ بالمظهر أكثر ممّا يهتمّ بالجوهر، ونستطيع أن نقول: إنّما هي موجة أصابت تقريباً معظم الصحافة النسويّة، بحيث أصبحت سلعة تجاريّة أكثر منها صحافة، إذ إنّ المطبوعات النسويّة بعيدة كلّ البعد عن القضايا المحوريّة للمرأة. عُدّت رياض الزهراء (عليها السلام) من المجلّات المهمّة في عالَم المرأة وقد تيمّنت باسم سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام)، خُطّت بأنامل هدفها خدمة المذهب وترسيخ الرسالة الإسلاميّة بأسس فاطميّة طموحها العالميّة، اعتمدت تقديم الموادّ الرصينة التي تُكتب بنَفًس جعفريّ نابع من عشق لأهل بيت النبوّة (عليهم السلام). ها هي رياض الزهراء (عليها السلام) تدخل عامها الـ (15) وتسمو نحو الأعالي، وطموحها لتقديم الأفضل مستمرّ ويَقِظ، وللاطّلاع والتعرّف على هذه المجلّة الغرّاء أجرينا حوارًا مع ملاكها المبارك ابتدأ مع رئيس قسم الشؤون الفكريّة والثقافيّة وكالةً والمشرف العامّ للمجلّة جناب السيّد عقيل الياسريّ (دام توفيقه) الذي أجابنا عن مجموعة من الأسئلة، كان في مقدّمتها: هناك العديد من المجلّات التي تُعنى بالمرأة في العراق، ما الأسباب التي أدّت إلى تبنّي العتبة العباسيّة المقدّسة فكرة إصدار مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) وطرحها على أرض الواقع؟ السيّد عقيل الياسريّ: نعم، هناك العديد من المجلّات التي تُعنى بشأن المرأة في العراق والعالم العربيّ أيضًا، لكن رؤية العتبة العباسيّة المقدّسة لتبنيّ مجلّة تُعنى بالمرأة والأسرة المسلمة وإصدارها تختلف تمامًا مع احترامنا لباقي الإصدارات والمجلّات، لكون ما تسعى إليه العتبة العباسيّة المقدّسة هو إبراز الدور الرساليّ والاجتماعيّ للمرأة، والحفاظ على مكانتها، والاهتمام بكلّ القضايا المتعلّقة بها وبأسرتها على حدّ سواء، فهناك أبواب تربويّة، علميّة، تعليميّة، اجتماعيّة، دينيّة. رياض الزهراء (عليها السلام): ما آليّة الإشراف المتّبعة على أبواب المجلّة؟ وما مميّزاتها؟ الياسريّ: كلّ باب من هذه الأبواب يسعى إلى توضيح الأمور التي ربّما تشتبك على المرأة، ومنها الأمور الابتلائيّة، هذا فضلاً عن إبراز دورها بوصفها أمًّا وأختاً وزوجةً ومربيّةً ومعلّمةً وأستاذةً، وغيرها من الأدوار التي تضطلع بها، وإنّ ما ميّزها أكثر هو إعطاء السعة لملاكها في العمل، فجميع ملاكاتها نسويّة، من رئاسة التحرير وإدارته ومحرّرات وكاتبات وتصميم ورقابة لغويّة، فهذه ميزة لا تتوافر لغيرها من المجلّات النسويّة، وهناك رسالة تريد أن تُوصلها العتبة العباسيّة المقدّسة ألا وهي الاهتمام بالمرأة، فهي نصف المجتمع وهي المربيّة والمعلّمة الأولى والمشرفة المباشرة على كيان الأسرة الذي بقوامها وصلاحها يصلح المجتمع وتزدهر حياته، فهذا السبب الذي دعا العتبة العباسيّة المقدّسة إلى أن تتبنّى هذه المجلّة الغرّاء. رياض الزهراء (عليها السلام): كيف كانت تغطية مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) لهذه الجوانب: الدينيّة، والاجتماعيّة، والاقتصاديّة، والنفسيّة، وهل كان لها حضور فعليّ في المجتمع؟ الياسريّ: آليّة الإشراف المتّبعة هي تحديد المحاور والأمور التي يحتاجها المجتمع وبخاصّة المرأة، والحرص على السلامة الفكريّة لما يتمّ طرحه، وهذا يكون من باب التقويم للمجلّة، ولله الحمد جميع ما يتمّ تناوله وطرحه من قِبل الأخوات في المجلّة سليم ولا غبار عليه، المقصود هو أن يكون اسم المجلّة ناصعاً ومدويّاً في كلّ المجالات العلميّة والأدبيّة والثقافيّة والإعلاميّة، ويكون لها حضور فاعل وليس اسماً ورقماً بين الأرقام، فريادتها في كلّ المجالات الحياتيّة واتّساع قاعدتها وزيادة نشاطها في كلّ المجالات التي تخصّ المرأة والأسرة المسلمة، هو الهمّ الأول للمجلّة بجميع ملاكاتها، إضافةً إلى أمر مهمّ آخر وهو أن تبقى مستمرّة بالتطوّر والإصدار وتسعى إلى الريادة في كلّ المجالات مع لحاظ الجانب الشرعيّ والأخلاقيّ الذي يفرضه علينا ديننا الحنيف ومبادئنا وأخلاقنا وأعرافنا، لا أن نكون ميّالين إلى كلّ ما يُطرح، ويجب أن نميّز بين الغثّ والسمين، وهذا غير خافٍ على أحد، فحضور المجلّة المميّز في هذه المجالات كان بارزاً وبشهادة الجميع، وكانت التغطيات فاعلة وجامعة وشاملة لكلّ هذه المفاصل داعمينَ هذا الحضور وهذه التغطية بخبرات الأساتذة المتخصّصين، سَواء كانوا رجال دين وفضلاء أو أساتذة أكاديميّين أو أطبّاء. هل استطاعت رياض الزهراء (عليها السلام) تطويع الإعلام لخدمة المرأة بالمرأة؟ الياسريّ: بلا شكّ، فقد كانت المرآة العاكسة لهموم المرأة، والسبيل الساعي إلى خدماتها إضافة إلى تطوّر العمل الإعلاميّ للمرأة، فحضور ملاكها الندوات والدورات التطويريّة وبصفة المدرّب والمعلّم شهد له الكثير من ذوي الخبرة، فلم يقتصر العمل الإعلاميّ فقط على المجلّة، بل كان هناك حضور وتدريب لملاكات أخرى في الجانب الإعلاميّ الذي يخصّ المرأة. وقد كانت لنا وقفة مع مسؤولة مكتبة السيّدة أمّ البنين (عليها السلام) السيّدة أسماء رعد العباديّ: رافقتم المجلّة لسنوات وكنتم من الداعمين لها في المحافل والمعارض، فكيف وجدتم عطاء المجلّة وتأثيرها في المجتمع النسويّ؟ أسماء رعد العباديّ: مثّلت مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) ولاتزال تمثّل الإبداع الخطّي للنساء المواليات اللّاتي يجدنَ فيها محطّة الأمل الواعد بغدٍ أفضل، وهنّ يقدّمنَ ما جاد به الكفيل(عليه السلام) عليهنّ من فكر وإيمان صادق (وما كان لله ينمو)، لذلك نجدها دوماً قِبلة المتصفّحات من جميع الفئات العمريّة من مثقّفات المجتمع اللّاتي يستزدنَ من فيضها منهلاً وضّاءً تجد المرأة فيها ألوان المحطّات الدينيّة، الثقافيّة، التعليميّة، والشعريّة في بعض الأحيان، وغيرها الكثير ممّا يحاكي الذائقة الفنيّة لديهنَّ.. تمنياتنا للمجلّة دوام العطاء لما فيه منفعة المجتمع وأن يتقبّل الله تعالى جهد العاملات فيها بإخلاص إنّه سميع مجيب. رافقتْ المجلّة منذ يوم ولادتها، وكانت لها بصمة مميّزة في مسيرة المجلّة طوال هذه السنوات المنصرمة، ليلى إبراهيم الهّر/ رئيسة تحرير مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) تحدّثت إلينا عن مسيرة الـ(15)عامًا من العطاء المستمرّ مبيّنةً: يؤدّي الإعلام بصفة عامّة أدواراً مهمّة في الحياة، مثلما يؤدّي الإعلام المتخصّص بصفة خاصّة دوراً فاعلاً في مواكبة التطوّرات والتحوّلات والتغيّرات التي يشهدها العالم كلّ يوم، حتّى أصبح هذا الدور من أخطر الأدوار وأهمّها، بخاصّة في هذا العصر الذي أصبح الإعلام فيه وسيلة رئيسيّة من وسائل التحكّم ومظهراً من مظاهر القوّة والسيادة. لذا قامت بعض المؤسّسات الدينيّة بإصدار مطبوعات تحاول عن طريقها نشر الثقافة الدينيّة والأسريّة في المجتمع، وكانت المرأة هي الهدف لتلك المؤسّسات ورسائلها الإعلاميّة، باعتبار أنّ المرأة هي محور العائلة، وتقع عليها مسؤوليّة تربية الأولاد، فإن لم تكن الأمّ مثقّفة أو متعلّمة فما مصير الأبناء؟ إضافةً إلى أنّها تتّصل وتؤثّر في الأخ والأب والزوج والمحيطين، وقد كانت رياض الزهراء (عليها السلام) من بين تلك المجلّات التي أخذت على عاتقها التصدّي لتلك المهمّة. رياض الزهراء (عليها السلام): مسيرتكم ليست بالقصيرة تحدّثوا إلينا عن تلك الرحلة الممتعة في عالم الصحافة النسويّة؟ ليلى إبراهيم: المسيرة طويلة ومجريات الأحداث كثيرة التفاصيل، نحاول أن نُجملها في سطور... نشأتها وتطوّرها: في السنة الأولى صدر العدد الأول (صِفر) من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) في شهر شعبان سنة 1428هـ / شهر آب 2007م، معنونة بمجلّة شهريّة تصدر عن قسم الشؤون الفكريّة والثقافيّة في العتبة العباسيّة المقدّسة/ شعبة المكتبة/ وَحدة النساء، وكانت مكوّنة من (16) صفحة، وأبوابها قليلة ومحدّدة، وفي السنة الثانية توسّعت قليلاً أبواب المجلّة، وقد أصبح تصميم المجلّة وتنضيدها بالكامل من قِبل ملاك نسويّ، أمّا في السنة الثالثة فكان التطوّر والتغيير واضحاً، إذ أصبح عدد صفحاتها (32) صفحة، وأمّا في السنة الرابعة فكان تطوّر المجلّة أوسع وأكثر شكلاً ومضموناً، حاولنا أن نغطّي الجوانب والمواضيع التي لم نتطرّق إليها سابقاً، وساعدت زيادة صفحات المجلّة على ذلك حيث توزّعت أبواب جديدة على (40) صفحة وحتّى الأبواب القديمة جاءت بعناوين جديدة، ورقم إيداع المجلّة في دار الكتب والوثائق العراقيّة (1141) لسنة 2008م. ليس من السهل مقاربة موضوع العمل الصحفيّ النسويّ وتحليل النتاج النسويّ بغية الكشف عن مميّزات هذا العمل وخصائصه، إذ كانت الصحافة عموماً وليدة واقع سياسيّ واجتماعيّ معيّن، فكيف بالصحافة النسويّة تحديداً التي ترافقت نشأتها مع متغيّرات مهمّة حدّثت بعد عام 2003م، من تغيير نظام الحكم والانفتاح الثقافيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ الذي حصل في العراق ودخول التطوّر التكنولوجيّ، حيث ظهرت الأقلام النسويّة كقوّة إعلاميّة بارزة عكست حضوراً متميّزاً محاولةً منها لسدّ الثغرات الواضحة في المجتمع بعد أن عمّه الجهل والتخلّف. لذا تصدّت مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) إلى نشر الثقافة الدينيّة والأسريّة في المجتمع. وقد استلمت المجلّة مسؤوليّة إظهار الحقائق مهما كانت مخفيّة في أرشيف الزمن المُحكم، بثقافات متعدّدة لها تأثيراتها وسط مسارح الأفكار التي طالما رفضت التعصّب والعبوديّة ونالت شفافيّتها في زمن صعب، فكانت بذلك مقاربة في وضعها لأهداف نبيلة امتزجت مع قُرائّها ومُتابعيها كامتزاج حنان الأمّ لأبنائها وحبّها وحرصها عليهم، ونقشت في مضامير صحافة الحياة أحرفها المميّزة، فكانت مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) بملاكها النسويّ المتكامل من تحرير وتصميم وإخراج، والذي شقّ طريقه لخدمة فكر المرأة ودعم ثقافتها، وبرعاية أبويّة حريصة حانية ومتابعة من الطاقات الخيّرة التي تشحذ الهِمَم والقدرات، وتعرف ما تستطيع الطاقات النسويّة أن تقدّم وكيف تؤدّي دوراً فاعلاً في الحياة بوصفها عنصرًا بشريّاً مهمّاً تقدّم ما يرضي الله (عزّ وجلّ)والمجتمع. وقد أثّرت إدارة المجلّة في تطوير قدرات مِلاك المجلّة وإخضاعه لعدّة دورات إعلاميّة تطويريّة، وكذلك سعت إلى إقامة دورات إعلاميّة تطويريّة لكاتبات المجلّة على أرض الواقع وأخرى افتراضيّة تتضمّن أهم الجوانب التي تطوّر من إمكانات الأقلام النسويّة لخوض غمار الكتابة في شتى الصنوف والفنون الإعلاميّة من: فنّ كتابة الخبر، والمقال الصحفيّ، وفنون كتابة القصّة، والتحقيق الصحفيّ، ومن قِبل أساتذة أكْفَاء في المجال الصحفيّ... تغمرنا الفرحة العارمة عندما نجد أنّ كاتبات المجلّة ينثرنَ ثمار أقلامهنّ في أغلب الوسائل الإعلاميّة الصادرة عن العتبات المقدّسة وغيرها من الوسائل الملتزمة التي تنشر فكر أهل البيت (عليهم السلام) وتُبدع فيما تنشر، ويشار إليهنّ بالبنان بوصفهنّ كاتبات متألّقات في سماء الصحافة النسويّة الملتزمة.. وهو الهدف الذي سعينا وتعبنا كثيراً في تحقيقه فضلاً عن هدف المجلّة من تثقيف المجتمع النسويّ... ندعو الله تبارك وتعالى أن تستمرّ مسيرة المجلّة من جيل إلى آخر، وأن تؤدّي دورها على أكمل ما يكون.. وأن يتقبّل الله تعالى منّا هذا القليل ليكون صدقةً جارية في الحياة الدنيا وما بعدها، إنّه سميع الدعاء.. التدقيق اللغويّ عملٌ علميٌّ هادف، قائم على حراسة اللغة الشريفة ممّا أحدثه الضِعاف فيها، يصون المتحدِّث به والمُخرَج مكتوباً ممّا خالط مفرداتِه، أو شاب تراكيبَه، أو اعترى أساليبَه من ألفاظ مشينة، وعبارات سقيمة قد تُودّي بالمعاني إلى الالتباس، وتعصف بالأغراض فتخلّ بها، وتَخفَى بسببها المقاصدُ، للمجلّة بوّابتان، وكلّ منهما له مسيرته مع المجلّة، ابتدأنا بالأستاذ عليّ حبيب العيدانيّ الذي قضى العديد من السنوات حارساً للغة المجلّة وقد تحدّث إلينا عن مسيرته مبيّنًا: التصحيح اللغويّ مهمّة كؤود يتحمّل المصحّح أعباءها على عاتقه، ويلج في معترك الألفاظ والأساليب والبُنى، وتصحيح مقالات ومواضيع متنوّعة في الأسلوب والطرح، متباينة في الألفاظ والأفكار أخاله ليس يسيراً، فيجب أن يكون المدقّق واسع الاطلاع في أبواب العربيّة، متسلّحاً بأدواته اللغويّة التي تعينه على إصدار الحكم اللغويّ السليم، عارفاً بأساليب الكتّاب ومرتكزاتهم التعبيريّة، يرصد الخطأ ويسدّ الخلل، هادفاً وراء ذلك أن يخرج المقال أو الموضوع بدرجة عالية من السلامة اللغويّة والفكريّة؛ لأنّ اللغة أداة نقل الأفكار متى حسُنتْ هي جادت الأفكار والمعاني. بمسيرة رابت على العقد من الزمن مع مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)، لا أُجانبُ الصواب إن قلتُ إنّ كلّ مَن عمل وشارك بها استفاد من ذلك بنسبة معيّنة، فالكاتب طوّر من أسلوبه الكتابيّ ووسّع من مداركه التعبيريّة، والمصمّم والمخرج الفنيّ بدا أكثر تفنّناً وإجادة عبر لمسات إبداعيّة يوظّفها في كلّ عدد بصُور ولوحات تختلف عن سابقتها، والمدقّق الذي أفاد أيّما فائدة من ملاحظة الألفاظ وتوجيه المعاني وتقويم الأسلوب، ففي كلّ عدد يُضاف إلى رصيده كمّ هائل من المعلومات رصدها في أثناء المراجعة والتصويب. كلّ التوفيق لملاك مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) على ما بُذل وما يُبذل من جهود متفانية في تطوير هذا الإصدار عاماً بعد عام. ومع البّوابة الثانية للتدقيق اللغويّ، رحاب جواد القزوينيّ، تحدّثوا لنا عن مسيرتكم في المجلّة، وهل واجهتم صعوبات في هذا المجال، وإن وجدت كيف تجاوزتموها؟ رحاب جواد القزوينيّ: التدقيق اللغويّ مجال شائق وممتع، لكنّه شاقّ في الوقت ذاته بسبب حجم المسؤوليّة الملقاة على عاتق المدقّق اللغويّ، وهذا ما لمسته في أثناء تجربتي في العمل بمجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) المباركة.. نعم وجدتُ صعوبات عديدة؛ لأنّ لغة الضادّ أثرى وأغنى لغة في العالم بمختلف علومها سَواء النحويّة والصرفيّة والبلاغيّة و.. إضافةً إلى ضرورة الانتباه إلى محتوى المواضيع الواردة إن كانت تنسجم مع مبادئنا أم لا؛ لكنّي أودّ أن أتقدّم بفائق الشكر والتقدير لجميع المسؤولين و للمشرف العامّ ورئيسة التحرير والأستاذ المدقّق اللغويّ الذين ذلّلوا لي الصعاب ولم يألوا جهداً في تقديم الدعم والمساعدة. قضيتم سنوات من العمل الدؤوب في مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) وكانت لكم لمسات واضحة في أبوابكم المتنوّعة، لمسات أدبيّة إبداعيّة، مثلما تناولتم موضوعات متنوّعة على مدى سنوات وأسهمتم في تطوير أقلامكم، فكان عملكم عبارة عن عمليّة تواصليّة تكامليّة ومواكبة لمتطلّبات العصر، وقد ملكتم التقنيةَ التي تتيح لكم موازنة الخيالَ والجمالَ المسهبيْنِ بمكيال الإبداع، الستّ نادية حمادة الشمريّ/ محرّرة لدى مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) تحدّثت إلينا عن مسيرة الإبداع موضّحة: تبقى مهنة التحرير قمّة المِهَن في المجال الإعلاميّ، فالمحرّر هو مَن يُشرف على محتوى المقال للكاتب إضافةً إلى صياغة محاور تنمو مع نموّ المجلّة وطموحاتها المستقبليّة وأهدافها الفكريّة والثقافيّة، لتبدأ رحلة ذات مسافات طويلة اُختُصرت بخبرات وجوانب معالجة مختلفة استلهمتُها من خُطَب المتولّي الشرعيّ في طرح المحور، و كيفيّة استخدام الأدوات المتنوّعة في عرض المحور ووضع الحلول العلاجيّة، فالمجلّة وُلِدت من المجتمع وما يُكتب فيها لا بّد من أن يكون من أجل أفراد المجتمع، وهذا ما أسعى إليه بصفتي محرّرة ليكون من أولويّات عملي بوصفي كاتبة ومحرّرة فتسهّل لي العديد من الخطوات في إتقان إعداد التحقيقات واستطلاعات الرأي والتقارير، فضلاً عن الأبواب الأدبيّة في المجلّة. التصميم يزيد من المصداقيّة والكفاية المهنيّة، ويؤدّي دوراً مهمّاً في إيصال فكرة الموضوع، اعتادت رياض الزهراء (عليها السلام) استثمار التصاميم والرسومات عالية الجودة؛ لأنّها أكثر جدارة بالثقة ويتردّد صداها عند الجمهور، وتصميم الجرافيك يمكن أن يؤدّي إلى نجاح أيّ عمل أو فشله، فهل استطعتم كسب ثقة القرّاء عن طريق تلك التصاميم، وكيف كانت تلك المسيرة الحافلة بالتميّز؟ عن تلك المسيرة تحدّثت إلينا نور محمّد العليّ مصمّمة المجلّة مبيّنة: بفضل الله تعالى وبرعاية صاحب المقام وبالتشجيع الدائم من المشرفين تحقّقت الكثير من أمنيّاتي ولاتزال تتحقّق، إذ باتت رياض الزهراء (عليها السلام) تحتلّ الصدارة ويذكر اسمها حينما يكون هناك تعداد للتصاميم المتميّزة وبحسب آراء المتخصّصين، وإذا ما ذُكِر اسمي من ضمن المتميّزين في مجال التصميم فأرجع هذا التميّز إلى المجلّة فهي التي احتضنت مواهبي، واستميحها العذر إذا كان هناك أيّ تقصير خلال المسيرة الطويلة معها، ومن الجدير بالذكر أنّ القائمين عليها دائمًا ما يتبنّون المواهب ويطوّرونها، وهذا كان نصيبي من رعايتهم. لرياض الزهراء (عليها السلام) مصمّمة أخرى كانت لها وقفات مع مجلّتنا الغرّاء، حوراء حسن الهاشميّ تحدّثت إلينا عن مسيرتها في المجلّة وعملها موضّحة: التصميم الطباعيّ هو الابتكار والخَلق والإبداع التشكيليّ لإنتاج أعمال فنيّة لها منفعة حسيّة لدى المتلقّي، وهو كلّ ما يدخل في عالم الطباعة مثلاً كعمل شعار أو تصميم مجلّات أو ملصقات وما إلى ذلك من الفنون البصريّة، فهي إذاً ربط عناصر مرئيّة تشمل الخطّ والشكل واللون والفضاء والضوء والرسم، ودور المصمّم هنا هو بمنزلة أداة تنظيم هذه العناصر وفقاً لنمطٍ أو نهجٍ يراه معبّراً عن إحساسه أو ميوله، وهنا يعتمد التصميم على قدرة المصمّم على الابتكار؛ لأنّه يستخدم ثقافته وقدرته التخيّليّة ومهاراته الإبداعيّة في خَلق عمل يتّصف بالواقعيّة والجديّة حتّى يؤدّي التصميم الغرض أو الوظيفة التي وُضِع من أجلها، وعن طريق تجربتي مع مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) منذ ما يزيد على العام، تمكّنت من تطوير مهاراتي في مجال التصميم الطباعيّ عن طريق الممارسة، والتواصل مع المصمّمين الآخرين وتبادل الخبرات معهم، وتعلّم كلّ ما هو جديد في عالم التصاميم، وإجادة التقنيات الجديدة، من أجل التميّز وتقديم الأفضل في مجال تخصّصي. الصورة هي أوّل شيء لجأ إليه الإنسان للتعبير عن نفسه وعن أفكاره، هل يستطيع أيّ أحد أن يتخيّل أو أن يقلّب جريدة تصدر في هذه الأيّام وهي خالية من الصورة والرسوم وغيرها من الموادّ المصوّرة كالخرائط والكاريكاتير والأشكال البيانيّة والرسوم التوضيحيّة؟ الصورة هي نصف الخبر وأحياناً تشرح الخبر كاملاً بدون نقصان بخاصّة للذين لهم خيال واسع وأفق متفتّح حول الفهم المتمعّن لمحتوياتها؟، لمجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) مصوّرة ذات عدسة إبداعيّة، إسراء مقداد السلاميّ تحدّثت إلينا عن عملها في المجلّة مبيّنة: التصوير الصحفيّ بوصفه فنّاً، شهد تطوّرات كبيرة نقلته من المرحلة الجماليّة كفنّ جميل لا يهتمّ فيه الفنان إلّا بالشكل والتكوين الفنّي إلى المرحلة الإعلاميّة كفنّ تطبيقيّ وظيفيّ يهتمّ بالقِيم الإخباريّة والصحفيّة، وعُدّت الصورة الفوتوغرافيّة أنجح وسيلة إعلاميّة وأهمّها فبإمكانها أن توصل المضمون أو الهدف بصورة أسرع وبصورة أفضل من التعبير اللفظيّ، وهي تشرح كذلك لحظات خاصّة من لحظات النبأ بشكل بيانيّ ومفصّل. والتصوير الفوتوغرافيّ الصحفيّ يتميّز بدقّته المتناهية، وكلّنا نعلم أنّ العدسة دقيقة لأنّها موضوعيّة ولا تلتقط إلّا ما تراه بالدقّة والتفصيل، وكانت مسيرتي بصفتي مصوّرة في المجلّة حافلة، إذ أخذتُ على عاتقي تغطية التقارير والتحقيقات الخاصّة بالمجلّة والغلاف في بعض الأحيان، ولأنّنا نعمل في مجلّة نسويّة صادرة من العتبة العباسيّة المقدّسة كانت اللقطات التي أريد التقاطها أراعي فيها العديد من الجوانب بمنتهى الدقّة، مثل ألّا أُظهر وجوه النساء، أي المحافظة على قداسة المرأة ونقل صورتها بعفّة مثلما كرّمها الإسلام، فكانت مسيرتي مكلّلة بالنجاح لكوننا نعمل في كنف قمر العشيرة (عليه السلام) الذي أحاطنا بجوده. (169) هو هذا العدد الذي تضافرت الجهود مجتمعة لإصداره بهذه الحلّة، والكلّ غمرته السعادة عند الاكتمال، وهذا الإحساس يتجدّد في كلّ شهر، غاية سامية ودعم معنويّ وماديّ مستمرّ من العتبة العباسيّة المقدّسة لاستمرار مجلّة العطاء والجود خدمة للمذهب بنَفَس نسويّ مبارك وطموح ينمو تحت رعاية صاحب المكان قمر بني هاشم (عليه السلام) ومن أنواره، والمتولّي الشرعيّ للعتبة العباسيّة المقدّسة سماحة السيّد أحمد الصافي (دام عزّه) الذي غمر العاملين بُحنوّه الأبويّ ودعمه المتوالي، وهذا ما يجعل رياض الزهراء (عليها السلام) معطاءً في كلّ حين.