أَزهَدُ أَهلِ زَمانِه
هو الشيخ مرتضى ابن الشيخ محمد أمين ابن الشيخ مرتضى ابن الشيخ شمس الدين بن أحمد بن نور الدين بن محمد صادق الأنصاري يرجع نسبه إلى الصحابي الجليل جابر الأنصاري، وُلد في دزفول سنة 1214هـ، كان فقيهاً أصولياً متبحراً في الأصول، لم يسمح الدهر بمثله، صار رئيس الشيعة الإمامية وكان يضرب به المثل أهل زمانه، في زهده وتقواه وعبادته وقداسته، كان يلبس لباس الفقراء، وكان مدرّساً بارعاً، تتلمذ عليه عيون العلماء والأساتذة، وقد جمع بين الحفظ وسرعة الانتقال واستقامة الذهن وقوة الغلبة على مَن يحاوره، ولُقّب بـ (خاتم الفقهاء والمجتهدين).(1) انتهت إليه رئاسة الإمامية بعد وفاة الشيخ محمَّد حسن صاحب الجواهر، وقام بها خير قيام، وازدهرت الحوزة في زمانه، بحيث خرّجت ثلة كبيرة من العلماء والفضلاء. مؤلفاته: له عدّة مؤلفات، منها: كتاب المكاسب، كتاب الطهارة، كتاب الصوم، كتاب الزكاة والخمس، كتاب الصلاة، كتاب الفرائد في علم الأصول، كتاب أصول الفقه، وله عدّة رسائل في الرضاع، والتقيّة، والعدالة، والقضاء عن الميت، ورسالة في حجية الظن والقطع، والبراءة والاستصحاب، والتعادل والتراجيح، وغيرها، ويعدّ كتاباه المكاسب والرسائل من الكتب المهمة التي تُدرّس في الحوزات العلمية. كان يحتاط كثيراً في صرف الأموال الشرعية، حتى رُوي أنه حينما جيء إليه بمبلغ عشرين ألف تومان من الحقوق الشرعية، وكان الشيخ يوزعها، عند ذلك جاءه شخص كان الشيخ قد اشترى منه قمحاً، ولم يدفع إليه الثمن، فقال للشيخ: مضت مدة على تسليم القمح، ولم أتسلّم ثمنه بعد، فإذا كان بالإمكان أن تتكرم بثمنه الآن.. قال له الشيخ: أمهلني عدّة أيام أُخر، فوافق الرجل وانصرف، وكان أحد العلماء حاضراً يسمع ما جرى، فقال للشيخ: كلّ هذه الأموال بين يديك، فلِمَ استمهلت الرجل ولم تعطه حقّه؟.. فقال الشيخ: هذه أموال الفقراء والمحتاجين ولا علاقة لي بها، وليس لدي الآن من مالي الشخصي شيء، وسأبيع هذه السجادة لتسديد دينه، لذلك طلبت منه مهلة لأيام.(2) بقي يزاول مهامه الدينية من التدريس والتأليف، والإرشاد والقيادة، إلى أن توفي في النجف بداره في محلة الحويش في ليلة السبت 18جمادي الثانية سنة 1281هـ، وغسل على ساحل بحر النجف، وهاج الناس بجميع طبقاتهم من كل جانب ومكان لتشييع جثمانه حتى أتصل السواد من سور النجف إلى ساحل البحر ودفن في الصحن العلوي الشريف، عند باب القبلة.(3) ................................. (1) الشيخ الأنصاري: ج1، ص(8،19،20). (2) سيماء الصالحين: ص365. (3) الشيخ الأنصاري: ج1، ص(135ـ137).