رياض الزهراء العدد 169 لحياة أفضل
التَّبايُنُ الثَّقَافِيُّ مِن أَسبَابِ الطَّلاقِ
الاختلاف الثقافيّ بين الزوجين له الأثر الكبير في حياتهما، وما ينتج عنه من مشكلات قد تؤدّي إلى الانفصال، فالثقافة ليست بالشهادة الأكاديميّة التي يحملها الشخص مثلما هو شائع بين الناس، بل بالأخلاق التي تنبثق من البيئة والتربية التي عاشها، وما زرعته الأسرة فيه من تعاليم اجتماعيّة وأخلاقيّة وقِيم دينيّة، فضلاً عن سعة الأفق والاطّلاع على ما يُستمدّ في مضمار الفكر والتبصّر في الذات. والتباين الثقافيّ بين الزوجين هو الاختلاف في أساليب التفكير وصراع العادات، وهذا بدوره يؤدّي إلى عدم القدرة على التواصل بينهما، وما يصاحب ذلك من مظاهر نفسيّة واجتماعيّة ذات تأثير سلبيّ في الحياة الزوجيّة، فعند الارتباط ينبغي معرفة ثقافة كلّ منهما والنموّ الاجتماعيّ لكليهما. للبيئة التي ينشأ بها الزوجان دور في الخلافات الزوجيّة وعدم تكافئهما واختلاف نمط حياتهما، فالأسس والقيم والمعايير التي غُرِست منذ الطفولة، ونمت وترعرعت فيهما تختلف في كلّ منهما عن الآخر، وتختلف عادات كلَّ منهما وتقاليده عن الآخر، وهنا تحدث المشكلة ومعاناة كلّ منهما، ومن الممكن إيجاد توافق اجتماعيّ وثقافيّ بينهما في بعض الأحيان حتّى تستمرّ علاقتهما الزوجيّة؛ لأنّ الثقافة المتبادلة والتفاهم بينهما هو الذي يولّد العلاقات التي لها الأثر المباشر في التكيّف الواعي والاستقرار النفسيّ، من ثمّ فهو أساس التكامل الاجتماعيّ في الأسرة، وذو تأثير أيضاً في مشكلات السلوك بصورةٍ عامّة والتي تتمثّل أحيانًا في المعاملة غير السويّة من قِبل أحد الزوجين للآخر، مثل الخروج من المنزل والسَهَر مع الأصدقاء، أو محاسبة الآخر أمامَ الأهل والضيوف، فضلاً عن الرفض للرأي المخالف لمجرّد الرفض، وهذا نتيجةً للتنشئة الاجتماعيّة الخاطئة التي تنتج زوجًا أنانيّاً لا تهمّه أسرته ولا سعادتها، أو تصنع زوجةً مهملة تهمل زوجها وأولادها، ممّا يهدم سعادتهما ويبعث الملل في نفوسهم. لذا فإنّ للوالدين حصّة الأسد في تقوية بناء شخصيّة الأبناء؛ لأنّها تستقرّ في النفس بطريقة لاشعوريّة، ومن هنا يبدأ دور الوالدين قبل بدء الحياة الزوجيّة للأبناء، وقبل وقوع المشكلات، وذلك بإعدادهم وتثقيفهم الثقافة الأسريّة الصحيحة، لبدء مرحلة جديدة من السلوك، والتأمّل والتفاهم لحماية الحياة الزوجيّة من أيّ رياح عاتية، بل واستمرارها ونجاحها حتّى تصل إلى برّ الأمان والسعادة.