رياض الزهراء العدد 169 لحياة أفضل
هَل البَلاءُ نِعمَةٌ أَم نِقمةٌ؟
قال الله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) (البقرة: 155)، الابتلاء سنّة إلهيّة أمضاها الحقّ تعالى بين عباده لكون الدنيا دار بلاء لا دار بقاء، ففيها الامتحان وفيها التمحيص، فمهما جهد الإنسان في تحصيل الكمال في كلّ ما حوله وجمع الأمور لتصبح مستقيمة متّسقه ليحظى بالسعادة التي لا يكدّرها شيء، فأنّه خاضع لا محالة ومن حيث لا يشعر لتلك السنّة الإلهيّة. فستجده في لحظة من لحظات حياته وفي وقت من أوقاته أنّه قد وقع في ظرف من الابتلاء ومحطّة من محطّات تلك السنّة، ابتلاء يلامس النقطة الحسّاسة في كيانه وفيما يملكه من إيمان، وهنا يكون التمحيص. فمنّا مَن يُبتلى ببدنه بمرض يصيبه، أو برزقه وماله، والبعض تارة يُبتلى بفَقْد مَن يُحبّ، أو يُبتلى فيهم بشيء يسوؤه، وتارةً أخرى بصعوبات تواجهه في حياته تنغّص عليه لذّة معيشته.. وقد يتبادر إلى الذهن: هل الابتلاء وتلك السنّة الإلهيّة فيها شرّ أو يراد بها سوءًا للعبد؟ حاشا وألف حاشا لله (عزّ وجلّ) أن يريد بعباده سوءًا أو يُوصل إليهم ضرراً، فهو عزّ اسمه مصدر لكلّ الخير والرحمة، ومثلما هو غنيّ عن عباده وعن خيرهم، فهو جلّ اسمه كذلك غنيّ عن أذاهم، إذن تلك الابتلاءات والاختبارات الإلهيّة يُراد بها خيرًا ومصلحة وحكمة قد نعلمها أحياناً وقد لا نعلمها، فيكون علمها عند الله (عزّ وجلّ) وحده ومَن اصطفى من أوليائه الطاهرين. ونحن مثلما آمنّا بالله تعالى وبعدالته علينا الإيمان بأنّ كلّ ما يُصار إلينا ويراد بنا فهو محض الخير والصلاح، فنراه ثوابًا عظيمًا ودرجات عُليا يوم القيامة مع محمّد (صل الله عليه وآله) وآله الأطهار (عليهم السلام). وعن نعمة البلاء ورد عن الإمام الكاظم(عليه السلام) قوله: "لن تكونوا مؤمنين حتّى تعدّوا البلاء نعمة والرخاء مصيبة، وذلك أنّ الصبر عند البلاء أعظم من الغفلة عند الرخاء"(1). ..................... (1)جامع الأخبار: ج15، ص9.